حدثنا ابن أبي كريمة عن أبي جعفر أن رسول الله دعا اليهود فحدثوه؛ حتى كذبوا على عيسى، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر، فخطب الناس فقال:"إن الحديث سيفشوا على، فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو مني، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس مني".
٣- التوسع في القياس:
وحيث ضاقت دائرة الأخذ بالحديث كان التوسع في الأخذ بالقياس، وهكذا كان أبو حنيفة يعمل رأيه في المسألة، ويجتهد في استنباط حكمها دون أن يتقيد بقول سابق للصحابة أو التابعين، ما لم يتبين له صحة نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى عنه أنه قال في النص الآنف الذكر:"إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات؛ فإذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله أخذت بقول من شئت من أصحابه وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج من قولهم إلى غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي، والحسن، وابن سيرين، وسعيد بن المسيب، فلي أن اجتهد كما اجتهدوا".
٤- الاستحسان:
يعتبر الاستحسان من أصول الأدلة في مذهب أبي حنيفة، وإن بالغ في الأخذ به بعض العلماء الأحناف، فقالوا: إن المجتهد له أن يستحسن بعقله، إلا أن المتأخرين منهم على أن الاستحسان عبارة عن دليل يقابل القياس الجلي الذي تسبق إليه الأفهام، ومن أمثلة ذلك:
نص فقهاء الحنفية على أن الواقف إذا وقف أرضا زراعية يدخل حق المسيل وحق الشرب وحق المرور في الوقف تبعا بدون ذكرها استحسانا.
والقياس أنها لا تدخل إلا بالنص عليها كالبيع، ووجه الاستحسان: أن المقصود من الوقف انتفاع الموقوف عليهم ولا يكون الانتفاع بالأرض الزراعية إلا