قلنا: وسنة المسلمين العملية المتواترة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، هي الاستدلال على الأحكام الشرعية بما صح من السنة، وقد اتفق علماء المسلمين الذين يعتد بهم على أن السنة هي الأصل الثاني للأدلة الشرعية.
٢- وأنكر بعضهم حجية خبر الآحاد، لأنه يفيد الظن، وقالوا: إنه لا يجوز أن يتعبدنا الله بالظن.
وأجيب عن ذلك بأن الدلائل تقطع بوجوب العمل بخبر الواحد. إذا صحت نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أ" يقول تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} ١ والطائفة من الشيء بعضه، وتقع في لغة العرب على الواحد فصاعدا، ولو لم يكن إنذار الطائفة المتفقهة حجة توجب العمل بنذارتها، لما اكتفى الله تعالى بها في الآية، وإذا وجب قبول نذارة العدل النافر للتفقه في الدين، فإنه يجب قبول رواية العدل الحافظ لما تفقه فيه.
ب- والمتواتر المجمل قطعي الثبوت، ولكنه ظني الدلالة، وقد قلتم بوجوب قبوله، وهذا يعني وجوب العمل بالظني، وأن الله تعبدنا به.
جـ- وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله آحادا إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، ولو لم تقم بهم الحجة في البلاغ لكان إرسالهم عبثا، والثاني باطل، فبطل ما أدى إليه، وثبتت حجية خبر الآحاد، فكل ما نقله الثقة عن الثقة يبلغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب قبوله واعتقاده والتدين به.
د- ووجوب العمل عند ظن مالصدق معلومفي الشرع، كالحكم بشهادة اثنين، والحكم بالشاهد الواحد مع يمين المدعى، والحكم بيمين المدعى مع نكول المدعى عليه، فكذلك يجب العمل بخبر الواحد عند ظن صدقه.