للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ: فَاقْضُوا» (١).

وَقَالَ مُسْلِمٌ: «أَخْطَأَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَا أَعْلَمُ رَوَاهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَهُ (٢)» (٣).

وَفِي قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ وَمُسْلِمٍ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ رَوَاهَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (٤).

وَقَدْ رُوِيَتْ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (٥).

وَقَالَ (٦) البَيْهَقِيُّ: «وَالَّذِينَ قَالُوا: (فَأَتِمُّوا) أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ، وَأَلْزَمُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ فَهُوَ (٧) أَوْلَى» (٨).

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَرْقٌ؛ فَإِنَّ القَضَاءَ: هُوَ الإِتْمَامُ لُغَةً وَشَرْعاً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (٩).


(١) سنن أبي داود (٥٧٢).
(٢) الضبط المثبت من ج، و.
(٣) أسنده البيهقي (٤/ ٤١٧)، عن مسلم، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (٢/ ١١٨): «وحَكَم مسلم في (التَّمييز) عليه بالوهم في هذه اللفظة، مع أنه أخرج إسناده في صحيحه، لكن لم يَسُقْ لفظه».
(٤) مسند أحمد (٧٦٦٤).
(٥) منها: ما أخرجه الإمام أحمد (١٠٣٤٠) من طريق قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة.
وما أخرجه (٨٩٦٧) من طريق عوف، عن محمد، عن أبي هريرة.
وما أخرجه (٨٩٦٤) عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
(٦) في د: «قال» من غير واو.
(٧) في ب: «وهو».
(٨) السنن الكبير (٤/ ٤١٩).
(٩) «وَاللَّهُ أَعْلَمُ» ليست في أ، ب، د، هـ، و.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (١٢/ ١٠٦): «إنَّ لفظ القضاء في كلام اللَّه وكلام الرَّسول المراد به إتمام العبادة - وإن كان ذلك في وقتها - كما قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}، وقوله: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}، ثم اصطلح طائفة من الفقهاء فجعلوا لفظ القضاء مختصّاً بفعلها في غير وقتها، ولفظ الأداء مختصّاً بما يُفعل في الوقت، وهذا التفريق لا يُعرف قط في كلام الرسول، ثم يقولون: قد يُستعمل لفظ القضاء في الأداء، فيجعلون اللُّغة التي نزل القرآن بها من النَّادر، ولهذا يتنازعون في مراد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: (فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فاقضوا)، وفي لفظ: (فأتمُّوا)، فيظنون أن بين اللَّفظين خلافاً، وليس الأمر كذلك؛ بل قوله: (فاقضوا) كقوله: (فأتمُّوا)، لم يرد بأحدهما الفعل بعد الوقت؛ بل لا يوجد في كلام الشارع أمر بالعبادة في غير وقتها، لكن الوقت وقتان: وقت عام، ووقت خاص لأهل الأعذار - كالنَّائم، والنَّاسي إذا صلَّيا بعد الاستيقاظ والذِّكر - فإنَّما صلَّيا في الوقت الذي أمر اللَّه به فإنَّ هذا ليس وقتاً في حق غيرهما». وانظر: المهذب في اختصار السنن الكبير للذهبي (٢/ ٧٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>