خمسة آلاف دينار، فقال: أشتهي أن يفنى بسرعة حتى أنظر إيش أعمل بعده، فقال له بعض أصحابه: تبتاع زجاجاً بمائة دينار وتبقيه، وتنفق خمسمائة دينار في أجور المغنيات في يوم واحد مع الفاكهة والطعام، فإذا قارب الشراب أن يفنى أطلقت فأرتين بين الزجاج وأطلقت خلفهما سنوراً فيتعادون في الزجاج فيتكسر وننهب نحن الباقي، فقال: هذا جيد فعمل ذلك وجعل يشرب فحين سكر أطلق الفأرتين والسنور وتكسر الزجاج وهو يضحك فقام الرفقاء وجمعوا الزجاج المكسر وباعوه، قال الذي أشار عليه: فمضيت إليه بعد فإذا هو قد باع قماش بيته وأنفقه، ونقض داره وباع سقوفها حتى لم يبق إلا الدهليز، وهو نائم فيه على قطن متغط بقطن، فقلت: ما هذا! قال: ما تراه، فقلت: بقيت في نفسك حسرة! قال: نعم، أريد أرى المغنية، فأعطيته ثياباً فلبسها، فرحنا إليها فدخل عليها فأكرمته وسألته عن خبره فحدثها بالحال، فقالت: قم لئلا تجيء ستي وليس معك شيء فتحرد علي لم أدخلتك، فاخرج حتى أكلمك من فوق، فخرج وجلس ينتظر أن تخاطبه من الطاقة، فسكبت عليه مرقة سكباج فصيرته فضيحة، فبكى وقال: يا فلان لا تبلغ من أمري هذا، أشهد الله وأشهد أني تائب، قلت: إيش تنفعك التوبة الآن، ورددته وأخذت ثيابي، وبقيت ثلاث سنين لا أعرف له خبراً، فبينا أنا في باب الطاق يوماً إذ رأيت غلاماً خلف راكب، فلما رآني قال: فلان. فعلمت أنه صاحبي وأن حاله قد صلحت، فقبلت فخذه، فقال: قد صنع الله وله الحمد البيت، فتبعته فإذا بالدار الأولى قد رمها وجعل فيها أسباباً، وأدخلني حجرة أعدها له وفيها فرش حسان وأربعة غلمان، وجاء بفاكهة متوسطة وطعام نظيف إلا أنه قليل، فأكلنا ومد ستارة فإذا بغناء طيب فلما طابت نفسه قال: يا فلان تذكر أيامنا الأولى! قلت: نعم، قال: أنا الآن في نعمة متوسطة، وما وهب لي من العقل والعلم بأبناء الزمان أحب إلي من تلك النعمة، تذكر يوم عاملتني المغنية