للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن علي بن أبي علي التنوخي عن أبيه قال: اجتمعت ببغداد سنة ست وخمسين وثلاثمائة مع أبي علي بن أبي عبد الله بن الجصاص فرأيته شيخاً حسناً طيب المحاضرة، فسألته عن الحكايات التي تنسب إلى أبيه، مثل قوله خلف الإمام حين قرأنا " ولا الضالين " فقال: أي لعمري بدلاً عن آمين، ومثل قوله أراد أن يقبل رأس الوزير فقل له: أفيه ذهب؟ فقال: لو كان في رأس الوزير خرا لقبلته، ومثل قوله وقد وصف مصحفاً بالعتق فقال: كسروي! فقال: أما أي لعمري ونحو هذا فكذب، وما كان فيه علامة تخرجه إلى هذا، وما كان إلا من أدهى الناس، ولكنه يطلق بحضرة الوزراء قريباً مما يحكى عنه لسلامة طبع كان فيه، ولأنه كان يحب أن يصور نفسه عندهم بصورة الأبله ليأمنه الوزراء لكثرة خلواته بالخلفاء فيسلم عليهم.

[قصة الجصاص مع ابن الفرات]

وأنا أحدثك عنه حديثاً حدثنا به، تعلم معه أنه كان في غاية الحزم، فإنه حدثني فقال: إن أبا الحسن بن الفرات لما ولي الوزارة قصدني قصداً قبيحاً، فأنفذ العمال إلى ضياعي وأمر بقبض معاملاتي وبسط لسانه بثلبي وتنقصني في مجلسه، فدخلت يوماً داره فسمعت حاجبه يقول وقد وليت: أي بيت مال يمشي على وجه الأرض ليس له من يأخذه؟ فقلت: إن هذا من كلام صاحبه وإني مسلوب، وكان عندي في ذلك الوقت سبعة آلاف دينار عيناً وجواهر، سوى ما يحتويه عليه ملكي. فهسرت ليلتي أفكر في أمري معه، فوقع لي الرأي في الثلث الأخير، فركبت إلى داره في الحال فوجدت الأبواب مغلقة فطرقتها، فقال البوابون: من هذا؟ قلت: ابن الجصاص. فقالوا: ليسوا هذا وقت وصول، والوزير نائم، فقلت:

<<  <   >  >>