مليح الشعر، إلا أنه كان سوداوياً، فحكم لنفسه أنه يموت في اليوم الفلاني، فجاء ذلك اليوم وهو صحيح، فخاصم امرأته وترقى الشر بينهما إلى أن أخذ عمود الهاون ودق به رأسها فماتت، فجزع جزعاً شديداً فقال: قد علمت أنه يوم قطع علي، ولابد أن أموت فيه، والساعة يجيء أصحاب الشرطة فيأخذوني فيقتلوني، فأنا أقتل نفسي عزيزاً أحب إلي، فأخذ سكيناً فشق بها بطنه، فأدركته حلاوة الحياة، فلم يتمكن من تخريقها فسقطت السكين، فقال: هذا ليس بشيء، فصعد إلى السطح فرمى نفسه إلى الأرض فلم يمت واندقت عظامه، فجاء صاحب الشرطة فأخذوه، فلما كان آخر الليل مات.
[هذه الهرة أمي]
عن أبي الحسن علي بن نظيف المتكلم قال: كان يحضر معنا ببغداد شيخ، فحدثنا أنه دخل على بعض من كان يعرفه بالتشيع قال: فوجدته وبين يديه سنور وهو يمسحها ويحك بين عينيها ورأسها، وعيناها تدمعان كما جرت عادة السنانير، وهو يبكي بكاء شديداً، فقلت له: لم تبكي؟ فقال: ويحك ما ترى هذه السنور تبكي كلما مسحتها، هذه أمي لا شك، وإنما تبكي حسرة من رؤيتها إلي، قال: فأخذ يخاطبها بخطاب من عنده ظاناً أنها تفهم عنه، وجعلت السنور تصيح قليلاً قليلاً، فقلت له: فهي تفهم عنك ما تخاطبها به؟ قال: نعم، فقلت له: أتفهم أنت عنها خطابها؟ قال: لا، قلت: فأنت إذن الممسوخ وهي الإنسان.
لابس الثياب الغليظة صيفاً
قال الجاحظ: مررت يوماً بقطان في الكرخ في دكانه وعليه لحية طويلة وقميص جديد غليظ، وكان يوماً صائفاً شديد الحر فتعجبت منه، فقال لي: ما وقوفك أعزك الله؟ قلت: أتعجب من صبرك على هذا القميص الجديد في هذا الحر الشديد! قال: صدقت أعزك الله، عندي غزل كثير، وعزمي أن أسلم منه إلى الحائك قميصاً خلقاً أتخفف به طول هذه الصيفية، فقلت: الصواب ما رأيت.
[شووا لي خاثرة]
وقال: دخلت يوماً على بعض إخواني من التجار أعوده وكان طويل اللحية، فقلت له: ما أكلت؟ فقال: شووا لي خاسرة وأكلت، يعني خاثرة.