وردوا الباب وأذن لهم دخل الشيخ فقال: السلام عليك يا أبا موسى، فعلم أنه أحمق وأمره بالجلوس، ثم قال: أحسبك قد طلبت العلم وجالست العلماء؟ قال: نعم يا أبا موسى، قال: من جالست من العلماء؟ قال: أبي، قال: وما كان يقول في عذاب القبر، قال: كان يكرهه، فضحك الرشيد ومن حضر، ثم قال: يا شيخ من حفر البحار فيما سمعت؟ فسكت الشيخ، فقال أحد ولديه: قد حفرها موسى حين طرق له، قال: فأين طينها؟ فقال الولد الثاني: الجبال، ففرح الشيخ بحسن جواب ولديه، وقال: والله ما علمتهما، ما هو إلا إلهام من الله تعالى وله الحمد.
وفد على الرشيد ثلاثة من حمص، فدخل أحدهم فرأى غلاماً على رأسه فظنه جارية، فقال: السلام عليك يا أبا الجارية، فصفع وأخرج، فدخل الثاني فقال: السلام عليك يا أبا الغلام، فصفع وأخرج، فدخل الثالث فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له: كيف صحبت هذين الأحمقين؟ قال: يا أمير المؤمنين لا تتعجب منهم فإنهم لما رأوك بهذا الزي ورأوا لحيتك طويلة قدروا أنك أبو فلان، فقال الرشيد: أخرجوه، قبح الله بلدة هؤلاء خيارهم.
[ما أحسن ما تروي]
قال بعضهم: رأيت رجلاً ألحى قائماً في حلقة قاص يقص مقتل عثمان بن عفان، فلما فرغ قال الألحى: أعيذك بالله ما أحسن ما تروي كلام منصور بن عمار.
[المنجد المغفل]
قال الجاحظ: مررت بمنجد في قنطرة بردان طويل اللحية وامرأة تطالبه بشيء لها عنده وهو يقول: رحمك الله، متاعك جاءني يحتاج إلى حشو كثير وأنت من العجلة تمشين على أربع.
[أنا أعرف الناس به]
قال أبو حاتم: سأل رجل أبا عبيدة عن اسم رجل فقال: ما أعرف اسمه. فقال له بعض أصحابه: أنا أعرف الناس به، اسمه خراش أو خداش أو رياش أو شيء آخر.
[لحية الشيخ]
خرج عبادة ذات يوم يريد السوق، فنظر في بعض طرقه إلى شيخ طويل اللحية كلما أراد أن يتكلم بادرته لحيته، فمرة يدسها في جيبه ومرة يجعلها تحت ركبته فقال له عبادة: يا شيخ لم تترك لحيتك هكذا؟ قال: فتريد أن أنتفها حتى تكون مثل لحيتك! قال عبادة: فإن الله يقول: " قد أفلح من زكاها وقد خاب من