وحكى أبو منصور الثعالبي في كتاب غرر النوادر قال: تأذى أبو الغصن جحا بالريح مرة فقال يخاطبها: ليس يعرفك إلا سليمان بن داود الذي حبسك حتى أكلت خراك.
وخرج يوماً من الحمام في يوم بارد، فضربته الريح فمس خصيتيه، فإذا إحدى بيضتيه قد تقلصت، فرجع إلى الحمام وجعل يفتش الناس، فقالوا: ما لك؟ فقال: قد سرقت إحدى بيضتي، ثم إنه دفىء وحمى، فرجعت البيضة، فلما وجدها سجد شكر لله، قال: كل شيء لا تأخذه اليد لا يفقد.
ومات جار له، فأرسل إلى الحفار ليحفر له، فجرى بينهما لجاج في أجرة الحفر، فمضى جحا إلى السوق واشترى خشبة بدرهمين وجاء بها، فسئل عنها فقال: إن الحفار لا يحفر بأقل من خمسة دراهم، وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين لنصلبه عليها ونربح ثلاثة دراهم ويستريح من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير.
وحكي: أن جحا تبخر يوماً فاحترقت ثيابه فغضب وقال: والله لا تبخرت إلا عرياناً.
وهبت يوماً ريحٌ شديدةٌ فأقبل الناس يدعون الله ويتوبون، فصاح جحا: يا قوم، لا تعجلوا بالتوبة وإنما هي زوبعة وتسكن.
وذكر أنه اجتمع على باب دار أبي جحا تراب كثير من هدم وغيره، فقال أبوه: الآن يلزمني الجيران برمي هذا التراب وأحتاج إلى مؤنة وما هو بالذي يصلح لضرب اللبن فما أدري ما أعمل به، فقال له جحا: إذا ذهب عنك هذا المقدار فليت شعري أي شيء تحسن؟، فقال أبوه: فعلمنا أنت ما تصنع به. فقال: يحفر له آبار ونكبسه فيها.