للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيح؛ سواء أكان مع البصريين أم مع الكوفيين، ويمكن أن نُوجز هنا أهم العوامل التي أعانت على ترجيح مذهب النحويين البصريين فيما يلي:

أولًا: نزوح القبائل العربية العريقة في اللغة الفصحى إلى البصرة، فهي تقع على مقربة من البادية التي استطاب أهلها النزوح إليها، وأكثرهم من العرب الأقحاح الذين احتفظوا بلغتهم العربية، خالية من شائبة اللحن والعجمة، ممن هم من قيس وتميم. ثانيًا: وقوع البصرة على مقربة من سوق المِرْبَد، تلك السوق التي صارت في الإسلام صورة معدلة لعكاظ الجاهلية، ففيها تَنَاشُد وتَفَاخُر، وفيها تجارة وبيع، وفيها النوادي الأدبية والمجامع الثقافية، وفيها مجالس العلم والأدب. ثالثًا: الموقع الجغرافي للبصرة، فإنها على طرف البادية مما يلي العراق، وأدنى المدن إلى العرب الموثوق بعربيتهم، فعلى مقربة منها بوادي نجد غربًا، والبحرين جنوبًا، والأعراب تفدُ إليها منهما، ومن داخل الجزيرة العربية بكثرة.

رابعًا: تبادل الرحلات بين علماء البصرة إلى البادية، وورود أعراب البادية إليهم لشئون معايشهم، ومشافهة علماء البصرة للأعراب، وأخذهم اللغة من منابعها الصافية. خامسًا: حِرص علماء البصرة على تحري سلامة لغة العربي الذين يأخذون عنه، وتثبتهم من ضبط الرواة وصدقهم، ذلك كله وغيره كان له أكبر الأثر في فصاحة أهل البصرة، وسلامة لغتهم، قال شيخنا المرحوم الشيخ محمد الطنطاوي -طيب الله ثراه- في كتابه القيم (نشأة النحو) بعد ذكره بعض ما تميزت به مدينة البصرة مهد النحو البصري وموطنه قال: "فكان لزامًا لذلك أنه لم تدون قواعدهم -أي: قواعد البصريين- إلا مدعومة على عناصر ثلاثة؛

<<  <   >  >>