يقال -بعد هذا الاستعراض السريع- إن الفساد على أي حال ظل جزئي لم يعم المجتمع الإسلامي كله وإن أصاب جانبًا منه، فقد كان معظم المسلمين يعيشون في مفهوم الإسلام ويكيفون به حياتهم، ويعملون على نشر المد الإسلامي في بقاع الأرض، شاعرين بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، شاعرين بالاستعلاء الذي يصنعه الإيمان في نفوس المؤمنين، وبالتبعة الكبرى التي يفرضها الإيمان عليهم في ذوات أنفسهم وفي مجتمعهم، وبالإخاء الحقيقي الذي يجمع المؤمنين بعضهم إلى بعض، وبالمودة والتعاون، شاعرين أنهم أمة واحدة. غير أنه على كل حال يمكن التأكيد على أن الفترة المثالية كانت قد انتهت وبدأت فترة عادية من تاريخ الإسلام، وإن كانت -وهي عادية بالنسبة للإسلام- أعلى فترة في تاريخ الأرض١. فإذا ألقينا نظرة عامة على التاريخ وفق تسلسل العصور بعد عصر الراشدين فإننا نلاحظ ما يلي: