الثَّقَافَة وَالحَضَارَة طبيعة العلاقة بين الثقافة والحضارة:
١- يعمد بعض الباحثين إلى إيجاد فواصل بين مدلولي كلمتي:"الثقافة" و "الحضارة" بحيث يجعل الأولى خاصة بالأمور المعنوية، والثانية بالأمور المادية. وقد يكون لهذا ما يبرره؛ غير أن الإلحاح على مثل هذه الفواصل في مدلول كل من الكلمتين إنما يعود -من حيث الأصل- إلى ما يحيط بهما من لَبْسٍِ وغموض في النطاق اللغوي، وجاءت الاستعمالات العامة الدارجة لهما عاملًا يزيد في هذه التفرقة، ويعمق هذه الفواصل.
٢- درجت الاستعمالات الشائعة لكلمة "ثقافة" على أنها: التعبير عن الدراسات الأدبية والنظرية والعقلية والفلسفية؛ فكأنها بهذا قد قصرت على ما يتعلق بالأمور المعنوية والروحية، أما كلمة "حضارة" فقد شاع استعمالها -بمختلف صور الاشتقاق- للدلالة على الوسائل والمخترعات والابتكارات التي وصل المجتمع الإنساني بها إلى آفاق بعيدة من الرقي والتنظيم المادي، والرفاه في الحياة، كما يعبر الاستعمال العام لكلمة "حضارة" عن النظم التي يضعها المجتمع لدعم كيانه الاجتماعي، وتحقيق أهدافه في سهولة ويسر.