في ضوء هذه الحقائق يمكن أن نلقي نظرة تحليلية سريعة على فترات التاريخ بما فيها من مد أو توقف أو جزر، وازدهار أو ضمور، حتى فترة الاحتكاك الحاد، خلال القرنين الأخيرين، بين الغرب والإسلام، هذه الفترة التي لا يزال المسلمون يعانون من رواسبها ونتائجها.
أ- لقد صاغت القيادة الإسلامية الأولى أبناء هذه العقيدة صياغة فريدة، وربتهم تربية متكاملة، فكانوا صورة دعوتهم الحقة النيرة في فكرهم وسلوكهم وعملهم وجهادهم.
كانوا في جهادهم واجتهادهم يصدرون عن المدرسة النبوية في سمو الغاية ونبل الوسيلة، وتوافرت فيهم شروط أهلتهم تأهيلاً عاليًا لحمل الرسالة ونشرها في آفاق المعمورة، وتحقق بفضل الله عز وجل، ثم بصدق إيمانهم، وإخلاص جهادهم ذلك المد الإسلامي الكبير الذي يعد بحق معجزة التاريخ، كانت غايتهم إعلاء كلمة الله، وإقامة شرعته في الأرض ونفاذ أحكامه، ووسيلتهم في ذلك: تربية النفوس على الطاعة وتزكيتها بالعمل الصالح، وأخذها الدائب بالإعداد والاستعداد، ثم العمل المتواصل والكفاح المستمر، لإزالة القوى الطاغية المعادية التي تعيق إقامة دين الله في الأرض.