١- إن من أجلِّ ما تؤديه العقيدة للجماعة الإنسانية، أنها تربط بين قلوب معتنقيها بأواصر لا تنفصم من المحبة والأخوة والتراحم، وهذه وظيفة إيجابية ذات أثر عميق في كيان الجماعة؛ لأن رابطة العقيدة لا تعدلها أي رابطة أخرى من نسب أو جنس أو لون أو لغة أو جوار أو مصالح مشتركة، فهذه كلها تظل روابط سطحية لا تكاد تَجْمَعُ حتى تُفَرِّقَ، إذا اختلفت الأهواء، وتصادمت النزعات، وتضاربت المصالح، بل لا تزال تتخلل هذه الروابط الشكلية حواجز كبيرة، من اختلاف النفوس، وتمايز العناصر، وتفصل بينها الفجوات المختلفة التي تباعدها عن الوحدة والوئام، حتى تشدها آصرة الأخوة في العقيدة -في تفاعلها العميق مع وجدان المؤمن- على هدى وبصيرة، ومحبة وتعاون، ومشاركة في المثل العليا، فإذا الكثرة المتفرقة وحدة مجتمعة، وإذا النفوس في أَلَقِهَا وصفائها كالمرايا المتقابلة، تنعكس صور بعضها في بعض، وتذوب الفوارق مهما عظمت، وتتقارب الديار مهما تناءت، ويعم الحياة روح العقيدة، وتسودها مبادئ الحق الثابت الخالد، الذي لا يتغير أو