١- وكما وضع الإسلام للحرب أسمى القواعد العادلة والموازين الإنسانية الفريدة، فقد وضع في حالة السلم نظامًا للعلاقات التي تضمن رعاية السلم العام، وتتيح للناس جميعًا أن يحيوا في حرية وأمن واطمئنان، ومن أبرز قواعد النظام الإسلامي في هذا: الوفاء بالعهود والمواثيق، ويحرص الإسلام في هذا على الالتزام الكامل بها والإخلاص فيها، وحسن النية في رعايتها، ويحذر من نقض العهد بأي صورة من الصور؛ ذلك أن الميثاق الذي يعقده المسلم لا يرتبط به أمام الناس فحسب، بل إنه ينعقد في الوقت نفسه بينه وبين الله تعالى؛ إذ يجعل المسلم ربه شهيدًا وكفيلاً على عقوده والتزاماته، فهو أمر متغلغل في النفوس، متصل أوثق اتصال بعقد الإيمان؛ بحيث لا يبقى لقوة في الأرض أن تحلله منه سواء في ذلك دوافع المنفعة، أو طلب النفوذ، أو زيادة الرخاء، أو المجال الحيوي، أو التوسع الاقتصادي، أو التوازن السياسي أو غير ذلك١.