١- في حياة كل أمة مفاهيم أساسية تحرص عليها، وتعمل على ترسيخها، وتعميق إدراكها في شئونها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها ذلك من أمور الحياة. وتسعى كل أمة سعيًا حقيقيًّا دائبًا على أن تكون مفاهيمها واضحة الدلالة في ذاتها، مراعية الجانب لدى أبنائها، واسعة الانتشار والتداول لدى غيرها، وتتخذ لتحقيق ذلك وسائل شتى: فتؤلف الكتب، وتعقد المؤتمرات، وتقوم بالدراسات، وتصدر النشرات، وتضع مناهج التربية والتعليم، وتستخدم -بوجه عام- كل وسائل الإعلام والتوجيه لتوضيح هذه المفاهيم وشرحها، وبيان أسسها وخصائصها، وتفصيل وجوه النفع فيها.
إن هذه المفاهيم الأساسية، وما ينبثق عنها ويتعلق بها، هي في حقيقتها: ما يمكن أن يطلق عليه -بشكل عام- ثقافة الأمة أو حضارتها، مع الأخذ بعين الاعتبار ما بين الثقافة والحضارة من فروق يدل عليها تطور الكلمتين في اللغة العربية واللغات الأخرى. كما سنفصل ذلك فيما بعد.
٢- وأكثر ما يتهم به قادة الفكر والثقافة المؤمنون بمفاهيم أمتهم، الدائبون