إن مما تمتاز به الثقافة الإسلامية -وهي مفاهيم دعوة عامة شاملة كاملة- رعايتها الخالصة للروح الإيجابية في الإنسان؛ فهذه الروح التي تبثها هذه الثقافة في الكيان الفكري والنفسي والاجتماعي للمؤمن، ترتفع به عن حدود الذات في مطالبها وأشواقها ورغباتها، إلى أرحب مدى إنساني؛ وبذلك تكون النعمة على المؤمن في الهداية والاستقامة نعمة كبرى، يشع نورها إلى غيره من الباحثين عن الحقيقة، المتطلعين إلى الهداية، المشوقين إلى الاستقامة.
ومن حكمة الله عز وجل ورحمته بعباده أن أنعم عليهم بهذا الدين الذي جاء هدى للناس كافة، وسعادة لهم في الدنيا والآخرة، واختار الله لتبليغه ونشره، وبث تعاليمه، وإقامة شرعته: هذا النبي الأمي الكريم الذي كان صفوته من خلقه، وخاتم أنبيائه ورسله؛ فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وزان التاريخ بمآثر مجد خالد، وآيات بطولة رائعة، ورفع في الدنيا راية الحق، وشاد صروح العدل، وبنى حصون الحرية، واستنقذ الإنسان من وهدة