الضلال، وتيه الفراغ والضياع، ولفتهُ إلى حقيقة فطرته، وجوهر أصالته، وأقامه على النهج السوي، والجادة القويمة، وسار به في معالم نيرة، ومسالك واضحة، ووجَّهَهُ إلى أصح الأهداف وأنبل المقاصد.
ولقد وعى الإنسان بهذه الهداية رسالته، وأدرك بهذا المنهج ذاته؛ فاستمسك بعروته الوثقى، واعتصم بحبله المتين، وصاغ وفق تعاليمه السمحة حياته في عبودية خالصة، وامتثال كامل.. يحل ما أحلّ الله له، ويحرّم ما حرّم الله عليه، في التزام تام لما رسم من حدود، واتباع كريم لما سنّ من أحكام، وذاق حلاوة الإيمان، واستظل برايته العزيزة وأوى إلى حماه الأمين.. فعز عليه أن يسعد والناس في شقاء، ويطمئن والبشر في قلق، ويروى والخلق في ظمأ قاتل، يجرون وراء السراب؛ فدفعه ما فطر عليه من حب للخير، وما جبل عليه من رحمة أودعها الله فيه، وزادها الإيمان قوة ونماء أن يحمل إلى القلوب زادها، وإلى النفوس ريّها، وأن يزيح عن الأبصار الغشاوة، ثم يقود الخطى على درب السلامة في حب وإيثار، وإنسانية عالية، عميقة الإدراك، مرهفة الشعور، تملك من طاقات العطاء الخيّر، والإحسان الكبير نبعًا ثرًّا لا يَنْفَد، ولايزيده الأخذ منه إلا مزيد فيض، وقوة تفجُّر..