لم يستطع الصليبيون رغم تعاونهم وتآزرهم وحشد كل طاقاتهم، وإعطاء صفة القداسة لمعركتهم أن يتغلبوا على العالم الإسلامي خلال قرن كامل، وبعد أن تمت لهم الغلبة على بعض مواطن فيه احتاجوا إلى قرن آخر لتثبيت نفوذهم، وإقامة دول وكيانات فيه، ولكنهم لم يستطيعوا بعد تجدد حملاتهم في فترة الغزو الاستعماري الحديث التي تلت ما يسمى "بعصر النهضة" والتي بدأت رحلات استكشافية، وانتهت بحملات عسكرية، واحتلال للبلاد، وسيطرة على المسلمين.. لم يستطيعوا -على الرغم من هذا كله- تحقيق هدفهم في القضاء على الوجود الإسلامي وإن كانوا قد استطاعوا إحداث بعض الثغرات فيه:
أ- كانت الهجمات المعادية -من قبل- هجمات خارجية حربية، وكانت طبيعة المجتمع الإسلامي آنذاك حية متماسكة، فلم تكن قد جمدت في المسلمين روح العقيدة، كما لم يتوقف النمو العلمي، بيد أنه لما تغير الحال فضعفت روح العقيدة، وتوقف النمو العلمي، أصبحت الهجمات المعادية داخلية وخارجية معًا، عسكرية وفكرية في آن واحد، واستطاع الأعداء بسبب ذلك أن يحتلوا مواقع أكثر وأخطر، وأن يمضوا بخطوات أوسع نحو هدفهم في زعزعة الوجود الإسلامي في نواحٍ شتى..
ب- انتشرت على أثر ذلك أفكار غربية لم يسبق أن ظهرت في أي عصر سبق، وقد لقيت هذه الأفكار المعادية التي صدرت عن أعداء الإسلام من