للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- كمال تصورها للإنسان والحياة:

أ- تتسم الثقافة الإسلامية من حيث إقامتها التصور الصحيح للإنسان وعلاقته بالحياة بالتوفيق التام بين الوجهتين الروحية والمادية فيه؛ بحيث ينتفي ذلك التناقض الذي أقامته التصورات المنحرفة بينهما، وهو تناقض زرعت بذوره الأولى في الحياة الإنسانية عقيدة الخطيئة الأولى التي جاءت بها النصرانية والتقت فيها من حيث خطأ التصور والاستنتاج مع عقائد أخرى زائفة؛ منها ما هو قديم كالبوذية والبرهمية، أو حديث كالروحية الحديثة.

"فالإنسان -حسب العقيدة النصرانية- يتعثر في الخطيئة الموروثة التي ارتكبها آدم وحواء، وعلى هذا تعتبر الحياة كلها -وفي نظر العقيدة على الأقل- واديًا مظلمًا للأحزان.. إنها الميدان الذي تعترك فيه قوتان: الشر المتمثل في الشيطان، والخير المتمثل في المسيح. إن الشيطان يحاول بواسطة التجارب الجسدية أن يسد طريق النفس الإنسانية نحو النور الأزلي، إن النفس ملك المسيح؛ ولكن الجسد ملعب للمؤثرات الشيطانية، وقد يمكن التعبير عن ذلك بوجه آخر: إن عالم المادة شيطاني في أساسه؛ بينما عالم الروح إلهي خير.

وإن كل ما في الطبيعة الإنسانية من المادة -أي الجسد كما يؤثر اللاهوت النصراني أن يدعوه- فإنما هو نتيجة مباشرة لزلة آدم، حينما سمع نصيحة الأمير الجهنمي للظلمة والمادة -يعني إبليس- من أجل ذلك كان حتمًا على الإنسان عندهم إذا شاء النجاة أن يلفت قلبه عن عالم اللحم إلى هذا العالم الروحي المقبل؛ حيث تحل الخطيئة البشرية بتضحية المسيح، أي بفداء المسيح"١.


١ محمد أسد: "الإسلام على مفترق الطرق" ص٢٨

<<  <   >  >>