١- وإذا كان لقواعد القانون الدولي العام من مبادئ أساسية، فإن هذه المبادئ ليست -كما تذكر الدراسات الغربية- حديثة تعود إلى ما قبل القرون الأربعة الأخيرة فحسب؛ حيث بدأ اهتمام الدول الأوربية في تنظيم علاقاتها على أساس من القواعد القانونية الثابتة، بل "إن جل هذه المبادئ وغيرها مما لم يتعرض له القانون الدولي الحديث، واردة في أحكام الشريعة الإسلامية، نزل بها القرآن منذ أبعة عشر قرنا، وصلات المسلمين ودولهم بغيرهم من الشعوب والدول، في حالي السلم والحرب.. كانت تخضع لقواعد مفصلة مستمدة من القرآن والسنة، واطَّرد اتباعها في جميع العصور الإسلامية"١.
وإذا كان علماء القانون في الغرب يقررون أن فكرة "القانون الدولي العام" فكرة حديثة العهد، ابتدعتها أوروبا في العصر الأخير، فإن هذا الحكم صحيح إذا لم يعمم على التاريخ الإسلامي، ذلك أن النظام الدولي لم يكن في الحقيقة معروفًا خارج المحيط الإسلامي، فلم يكن لهذا القانون الدولي وجود لا في العصر القديم اليوناني والروماني، ولا في العصور الدينية الأولى في اليهودية والمسيحية ...
ولو أننا بحثنا فكرة القانون الدولي في أوروبا في العصور الحديثة، لما وجدنا كبير فرق بينها وبين تلك العصور الأولى، على الرغم من التقدم الفعلي في تدوين هذا التشريع العام، ذلك أن فكرة تساوي الناس أمام القانون، لم تتخذ في نظر الغربيين صبغة القانون العام الشامل. ألم
١ انظر: "الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام" تأليف: علي علي منصور ص٢١.