للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقل "ستيوارت ميل" باستحالة تطبيق القانون على الشعوب الهمجية، أولم يحدد "لوريمير" على وجه الأرض مناطق ثلاثًا تخضع كل منها لقانون مختلف؟ فالعالم المتمدين يجب أن يتمتع في نظره بحقوق سياسية كاملة، والعالم نصف المتمدين يكفي أن يتمتع بحقوق سياسية جزئية، بينما الشعوب غير المتحضرة ليس لها إلا حقوق عرفية لا تحمل إلزامًا قانونيًا، وجاء ميثاق "عصبة الأمم" بعد الحرب العالمية الأولى، فأقر هذا التقسيم الثلاثي، وأكسبه سلطة القانون.

٢- إن الحقيقة التي يثبتها الدرس الموضوعي، والتحقيق المجرد عن التعصب، تؤكد أن القانون الدولي ليس علمًا حديثًا كما تذكر الدراسات الغربية التي يميلها التعصب، بل هو يعود إلى القرن السابع الميلادي يوم ظهر الإسلام.. ففي هذه الفترة التي تبدأ في سنة ٦١١م انتشر الإسلام في أقل من قرن؛ بحيث عم جميع البلاد المعروفة آنذاك أو معظمها، فقد شرَّق إلى حدود الصين، وغرَّب إلى الأندلس.

والمعروف أن أوروبا في ذلك الحين كانت تتكون من إمارات متعددة، وكان كل أمير يملك الأرض وما عليها، ولم يكن للعهود والمواثيق فيما بين هذه الإمارات أي احترام، وكانت الحروب مشبوبة لأتفه الأسباب، بل ولمجرد الطمع في ملك الجار. فلما خشيت الكنيسة الدين الجديد، وخشيت من سرعة انتشاره في أوروبا، قامت بدعوة الأمراء والملوك إلى اجتماعات برئاسة البابا للنظر في تنظيم العلاقات بينهم، وأخذت المجامع الكنسية تجمع الإمارات والدول تحت سلطان البابا. ولكن سرعان ما أخذ الملوك والأمراء يتبرمون بسلطان الكنيسة التي كانت تبيع صكوك الغفران، وتعاقب الخارجين عليها بالحرمان من الجنة، وإباحة دماء بعضهم، وإهدار قيمة المعاهدات والاتفاقات وتحليل نقضها، متى كان أحد الطرفين غير تابع للكنيسة، أو كان خارجًا عليها..

وقام بعد فترة "ميكيافيللي" -أحد الساسة الإيطاليين- يدعو إلى

<<  <   >  >>