للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكوين دول كبرى من الإمارات الصغرى للوقوف في وجه الدين الإسلامي الجديد، وأباح "ميكيافيللي" لأي أمير قوي أن يغير على جيرانه، ويخضعهم بالقوة بدافع من القومية. وتقضي تعاليم "ميكيافيللي" في كتابه "الأمير" بأن السياسة كذب ونفاق، ولا مانع من استغلال الشعوب١.

ويرى "ميكيافيللي" أن الخطر الذي يواجهه الأمير نوعان: داخلي من جانب المحكومين، وخارجي من جانب الحكام الخارجيين، وحتى يستطيع المحافظة على حكمه يجب عليه ألا يخشى أي شيء، ولذلك لا بد للأمير أن يمتلك ويظهر الرحمة والإخلاص والإنسانية وفن الخطابة والتقوى، وعليه أن يفعل عكس ذلك إذا اضطر الأمر. ويجب أن يفهم كيف يدير نفسه مع الرياح، وأن يقدر نتائج كل سلوك مقدمًا، وعليه أن يكون مقتصدًا وبطيئًا في عمل الخير حتى يمكن إظهاره بوضوح، وأن يكون سريعًا في تنفيذ حالات القسوة حتى يمكن نسيانها بسرعة، وعندما لا تنفع الأمانة تفيد الخيانة وعدم الوفاء بالعهد، ومع ذلك فإن الكذب يبقى كذبًا، والقتل قتلاً، إلا أن السياسة لا تعرف قاعدة ولا قوانين، فهي انتهاز لكل فرصة مواتية، وهي في الواقع لا تملك أي محتوى، ولكنها وسيلة لكسب الحكم والمحافظة عليه.

أما الدبلوماسية عند "ميكيافيللي" فليست سوى كلمة رقيقة تخفي خلفها شريعة الغاب في الميدان الدولي؛ فالأمير الجديد سيكون موضع طمع أقرانه الأمراء وتربصهم، فيجب عليه أن يكون كالثعلب ليكشف الحيل والألاعيب٢.


١ انظر "مقارنات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية" تأليف: علي علي منصور ص٧٩.
٢ انظر: "تاريخ الفكر السياسي" تأليف إبراهيم دسوقي أباظة وعبد العزيز الغنام ص١٨١-١٨٢.

<<  <   >  >>