ب- وكانت القيادة الإسلامية قادرة على إدارة شئون المسلمين وفق شرعة الله عز وجل بما لديها من رعاية تامة لهذه الشريعة، وفهم لها واجتهاد فيها، وقوة استنباط للحكم فيما يعرض في حياة المسلمين، وفي الأمم التي شملها الفتح من قضايا وحوادث ومسائل متجددة، كما كانت لديهم روح الاستفادة من وسائل العلم وقوى الكون لتسخيرها في خير الإنسانية.
ج- "ولكن من الأسف، ومن سوء حظ العالم البشري أن تولى هذا المنصب الخطير رجال لم يكونوا له أكفياء، ولم يعدوا له عدة ولم يأخذوا له أهبة، ولم يتلقوا تربية دينية وخلقية كما تلقى الأولون، وكثيرون في عصرهم وجيلهم، ولم يسيغوا تعاليم الإسلام إساغة تليق بقيادة الأمة الإسلامية والاضطلاع بزعامتها، ولم تنق رءوسهم ولا نفوسهم من بقايا التربية القديمة، ولم يكن عندهم من روح الجهاد في سبيل الإسلام، ومن قوة الاجتهاد في المسائل الدينية ما يجعلهم يضطلعون بأعباء الخلافة الإسلامية، وهذا الحكم عام يشمل خلفاء بني أمية وبني العباس، حاشا الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز "م١٠١هـ"، فظهر من ذلك ثلمات في ردم الإسلام لم تسد إلى الآن ووقعت تحريفات في الحياة الإسلامية"١
د- ولقد كان مما وقع في بعض الفترات أن القيادة السياسية حاولت التفلت من رقابة الدين، وإقصاء أهل الدين والعلم عن شئون السياسة والتوجيه، لتنفرد السياسة بالتصرف وفق أهوائها، كما أطلت النزعات الجاهلية برءوسها خلال مظاهر الانحراف عن الأخلاق الإسلامية، وشيوع الفساد، والإخلاد إلى التمتع بملاذ الحياة، كما قل الاحتفال بالعلوم العملية المفيدة، كالعلوم التجريبية والعملية، وظهر الاهتمام بعلوم ما
١ أبو الحسن الندوي: "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" ص١٣٢.