وراء الطبيعة، والفلسفة اليونانية ونحو ذلك، وقد نجم عن ذلك ضعف حركة الإنتاج العلمي، وضعفت روح النبوغ، كما طرأت في حياة المسلمين ضروب من البدع التي شغلت مكانا واسعا من حياة المسلمين، وصرفتهم عن الالتزام بالدين الحق، كما أبعدتهم عن الاهتمام بشئون الحياة النافعة.
هـ- وإنه على الرغم من كل هذا فقد بقي هذا الدين -بفضل الله عز وجل- حيًّا محفوظًا من التحريف والتبديل، وظل المنارة المشرقة التي تهدي الحائرين، وتنعي على المنحرفين تفريطهم، وتثير روح الجهاد، وتدعو إلى فتح باب الاجتهاد، وظل المجتمع -على الرغم مما أصابه- مجتمعًا إسلاميًّا لم تسيطر عليه -بصورة عامة- غير المفاهيم الإسلامية ومرد ذلك إلى طبيعة تكوين المجتمع في الإسلام؛ تلك الطبيعة التي تحفظ روح الوحدة والتماسك، وتجعل ولاء أفراد هذا المجتمع لعقيدتهم.
يقول ولفرد كانتول سميث WiLfrsd Contwell Smith في كتابه "الإسلام في التاريخ المعاصر Islam in Modern History" في فصل "الإسلام والتاريخ" ص٢٦-٢٧:
"لقد لاحظ الباحثون بروز وضع المجتمع في الإسلام، ومن البيِّن أن المجتمع الإسلامي ذو تماسك ملحوظ، وأن ولاء أعضائه وترابطهم عظيم القدر، وقد أدرك كثيرون أن الجماعة "الإسلامية" ليست مجموعة اجتماعية فحسب، بل مجموعة دينية، وأن "الدين والدولة" أمر واحد إذا استخدمنا تعبيرنا الغربي غير المناسب، إن المجتمع الإسلامي لا يترابط بعضه مع بعض -كالمجتمعات الأخرى- بمجموعة من الولاءات والتقاليد فحسب، وبنظام متقن السبك من القيم والعقائد، ولا هو نتاج مثل أعلى رفيع فحسب، بل إنه ينبض بالحيوية الناجمة عن اقتناع شخصي عميق، اقتناع ديني له حرارته ودلالته في نفس كل