الموالي، وعلى الرغم من أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- رأى -بما عرف عنه من ميل إلى المسالمة- أن يسلك مع الخوارج سياسة اللين، فرحب بالاستماع إلى مآخذهم، لتتاح له الفرصة لإقناعهم بحرصه على التزام جادة الصواب، إلا أن الخوارج لم يقلعوا عن إثارة الصعاب أمام الأمويين في بلاد العراق والجزيرة بعد وفاة عمر بن عبد العزيز، وكانوا يثورون بالأمويين كلما أتيحت لهم الفرصة حتى اشتدت وطأتهم في أواخر عهد بني أمية، وتكاثر عددهم كما تطلعوا إلى الحكم بعد أن كانت غايتهم النجاة بأرواحهم، وانقسموا إلى فرق عدة منه: الأزارقة والصفرية والإباضية وغيرها، واحتدم الخلاف بين الأمويين والشيعة حتى تطور إلى واقعة كربلاء التي قتل فيها الحسين -رضي الله عنه- في العاشر من المحرم سنة ٦١هـ، وكانت هذه الواقعة سيئة الأثر على المسلمين، فقد أنتجت ضروبا من الشقاق والجدال فيما بينهم، وانتقلت الشيعة من الإطار السياسي إلى الإطار الطائفي بعد أن دخل فيها كثير من السَّبئيَّة -أنصار عبد الله بن سبأ- وصارت فرقًا كثيرة ونحلًا متعددة، وانضم عدد من الموالي إلى فرق الشيعة التي ظهرت آنذاك، وظل الشيعة يتحينون الفرص للخروج على الأمويين حتى تم انتقال الخلافة بعد ذلك إلى العباسيين.
ومما يعد في هذا العصر ضلالا كبيرا، وتحريفا خطيرا، وعدولا عن عقيدة الإسلام إلى غيرها من عقائد الكفر الشديد، ما جاء به عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي اندس في صفوف المسلمين يؤلب الأمصار على عثمان رضي الله عنه، ثم غلا في شره وفساده، فدعا إلى تأليه علي رضي الله عنه..
"والذي يؤخذ من تاريخه أنه وضع تعاليمًا لهدم الإسلام، وألف جمعية سرية لبث تعاليمه، واتخذ الإسلام ستارًا يستر به نياته، نزل البصرة بعد أن أسلم ونشر فيها دعوته، فطرده واليها، ثم أتى الكوفة فأخرج منها، ثم جاء