للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تضاف إلى علم أو فن؛ فليس ثمة ما يمنع أن تدل على ما نطلق عليه اليوم الثقافة العامة؛ فإذا جَعَلَ ابن سلام للشعر ثقافة؛ فإن معنى ذلك أن للنثر ثقافة أيضًا، وهي "الثقافة الأدبية"، وتتسع الدائرة ويتنوع المدلول كلما أضيفت الثقافة إلى علم أو فن خاص؛ كأن نقول: الثقافة الشرعية، والثقافة التاريخية، والثقافة الفلسفية والثقافة الطبية.. ونحو ذلك..؛ فإذا ذكرت اللفظة دون إضافتها إلى شيء؛ فليس لها -على هذا التفسير- إلا التنوع والعموم، وإذا اتصف بها إنسان كانت ملكته في فهم ضروب العلوم والفنون والمعارف ملكة جيدة بوجه عام، وهذا هو ما يدل عليه لفظ "المثقف" في الاصطلاح الشائع في هذا العصر.

ويلفت بعض الباحثين النظر إلى أنه لا أثر لهذه الكلمة "الثقافة" في لغة "ابن خلدون" الذي يعتبر المرجع الأول لعلم الاجتماع العربي في العصر الوسيط١.

وإذا كان من غير الميسور أن يحصي الباحث كل ألفاظ ابن خلدون في "المقدمة" ليرى إن كان قد استعمل هذا اللفظ أم لا؟ فإن الحقيقة أن ابن خلدون قد تناول في "الباب السادس" من "المقدمة" الكلام على كل أنواع العلوم وأصنافها، والتعليم وطرقه.. وقد عقد واحدًا وستين فصلًا عالج فيها البحث في مختلف أنواع الثقافة في عصره، وإن لم يستعمل لفظة "الثقافة" نفسها كما سلف٢.

ولعل ابن خلدون كان يعني بما أطلق عليه "الملكة" ما تدل عليه لفظة "الثقافة": ممتزجة بالموهبة؛ فقد ذكر أن "نوع المحفوظ يقرّر اتجاه صاحبه في


١ مالك بن نبي: "مشكلة الثقافة" ص١١
٢ انظر: "مقدمة ابن خلدون" تحقيق: الدكتور علي عبد الواحد وافي ج٣ ص١١٠٧ وج٤ بكامله.

<<  <   >  >>