للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحفظ السعي ويوقظ الضمير مثل معرفة الله {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} ١.

وهي أيضًا تحصن الفرد من غوائل الهوى ودوافع الشهوة، فيسعى في الأرض يتفكر بخلق السماء، ويتطلع إلى السماء بجميل السعي في الأرض، وهي كذلك تقيم المساواة بين العباد جميعًا؛ فتجعلهم أمام الله سواء، يتفاضلون بالتقوى والعمل الصالح. فتنتفي مع هذه العقيدة عصبية الدم واللون والجنس، وتحيا عصبية الإخاء والإيمان والحب"٢.

وتفي بهذه الخصائص كذلك عباداته وآداب السلوك والأخلاق والمعاملة فيه؛ بحيث يتضح أن معجزة هذا الدين هي معجزة الحقائق القائمة، والأصول الثابتة، والآيات الباقية، معجزة التفاعل مع هذا الكون والتآخي معه، معجزة الفطرة في بساطتها، والسلوك في اعتداله، والسعي في استقامته، معجزة العدل مع العدو والصديق، والوفاء مع القريب والبعيد، والصدق في الشدة والرخاء، ومعرفة الله في السراء والضراء. وكلها حقائق قائمة ثابتة مع الزمان والمكان يستضيء بها الوجود الإنساني، ويرتبط معها كيانه، كما يستضيء الكون بضوء الشمس، وتنجذب إليها كواكبه ونجومه، حقائق يرحب بها العقل، ويشاركه في الترحيب بها القلب والوجدان.. أفلا تكون تلك هي الرحمة المهداة شريعة العالمين وهداية الرحمن؟ ٣.


١ النازعات: "١٩".
٢ محمد الراوي: "الدعوة الإسلامية دعوة عالمية" ص٤٦.
٣ انظر: المرجع السابق ص٤٧-٥٠.

<<  <   >  >>