للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فلما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن أُسِيد بن جارية، وكان ممن حُبِسَ بمكة، فلما قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعثا رجلاً من بني عامر بن لؤي، ومعه مولى لهم، فقدما على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكتاب الأزهر والأخنس فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بصير، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمتَ، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، فانطلق إلى قومك". فقال أبو بصير: يا سول الله، أتردني إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ قال: "يا أبا بصير، انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا" ١.

٢- وقد غدر بعض المشركين بصلح الحديبية -وهو المقصود بالعهد عند المسجد الحرام في قول الله عز وجل:

{إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} ٢.

فلم يبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- عهد سائرهم، ولم يقبل عنده قرشيًّا يجيئه في أثناء قيام العهد عملاً بما اتفق عليه المسلمون والمشركون. وفي ذلك يقول أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثتني قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما رأيت النبي وقع في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله لا أرجع إليهم، قال: "إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع".

٣- بل روي في الوفاء بالعهد ما هو أكثر من ذلك؛ لأنه عهد آحادٍ في مثل


١ السيرة النبوية: لابن هشام. ج٣ ص٣٣٧.
٢ التوبة: "٧".

<<  <   >  >>