ووعي قضيته، والولاء لأمته، والتفاعل مع مبادئه ونظمه.. وحين يكون ذلك الفهم والوعي والولاء والتفاعل عميقًا قويًّا شاملًا؛ فلا بد أن تنبثق من ذلك روح جديدة تتسم بالإيمان الصادق، والعمل المنتج، والعزيمة القوية، وبذلك تتجدد ثقة المسلمين بمهمتهم القيادية الكبرى، وتتلاشى عوامل الانهزام الفكري والنفسي، وتزول أعراض ذلك المرض العضال من الشعور بالنقص، وشيوع الضعف والخور، والإخلاد إلى الراحة، والاستكانة إلى المتاع العاجل، والتعلق بالأهواء والشهوات، والخضوع لسلطة الأقوياء، والانبهار بحضارة الأعداء.. وتتقد -من جديد- جذوة الكفاح الصامد لنشر الدعوة، ومواجهة التحدي، وقيادة الركب الحضاري النير الذي فتح العقول والقلوب، ورفع لواء الكرامة والعدالة والحرية، وبسط راية العلم والمعرفة والسلام في أرجاء المعمورة..
ذلك هو الأمل الذي نرجو أن يحققه الحديث في الثقافة الإسلامية في كل جوانبها المشرقة الوضيئة، ومع مصادرها الحية الوفيرة، ومنهجها المتكامل القويم، وتوجيهها السوي السليم، وبنائها شخصية الفرد والمجتمع، وتحريرها الإنسان من ركام الجهل والتخلف والضياع، وتطهيرها لروحه ونفسه وضميره من دنس الشر والانحراف والفساد..
وهو أمل حمل القائمين على "الكليات والمعاهد العلمية" بالمملكة العربية السعودية وغيرها من الجامعات والكليات على تقرير تدريس مادة "الثقافة الإسلامية" فلقيت هذه الخطوة الطيبة المشكورة ما كان منتظرًا من تجاوب الطلاب معها تجاوبًا كبيرًا؛ ذلك أن شبابنا هم -في الحقيقة- موضع هذا الأمل الكبير، والغرس الطيب لذلك المستقبل المنشود.. وقد تجلى هذا التجاوب في الإقبال على البحث في الثقافة الإسلامية؛ جمعًا لمصادرها وقراءة لمراجعها، ودرسًا لموضوعاتها، وحماسةً طيبةً مبرورةً في ذلك كله..
أعدت هذه الفصول استجابة لمطلب ملح، وتلبيةً لرغبة صادقة.. وهي لا تعدو أن تكون -بحق- صُوىً تدل على الطريق وترشد إليه.. ولا غنى