٢- ولا بُدَّ -تثبيتًا لمعنى الانتماء الحق- من أن تكون صلات المؤمن وأواصره بعقيدته ممتدة في حياته كلها.. في واقعه الذي يعيشه، واتجاهاته التي يراها، ومواقفه التي يتخذها، وسبل الحياة التي يسلكها، فهي له المحور الذي لا ينفك عنه، والنبضُ الذي لا يتوقف فيه، بل يمده -فكرًا واعتقادًا وسلوكًا وعملاً- بالنور الهادي إلى سواء السبيل، فلا يضل وبين يديه نور الإيمان، ولا يزيغ ومعه زاد التقوى ولا تتفرق به السبل وأمامه صراط الله المستقيم، يسلك به دروب الرفعة والكرامة، ويبلغ به ذرى العزة والنصر، وكنف الرضى والنعيم، وملاك ذلك كله إنما هو في طاعة الله تبارك وتعالى، وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- والإقبال بصدق وجد، وعزيمة وإخلاص، على الالتزام بهذا الإسلام اعتقادًا وعملاً، وسلوكا واتجاها، دينًا ودنيا، وفكرًا ونظامًا، وسياسة راشدة، وعبادة خاشعة، وكفاحًا دائبًا، وجهادًا صادقًا، وتضحية وفداء، ففي هذا الالتزام بالإسلام، والتمسك بمبادئه، والتحلي بأخلاقه، وتحكيم نظامه، والانضواء تحت رايته، برهان جلي على سداد فكر المؤمن وسمو روحه، ويقظة ضميره، وتفتح بصيرته، وقوة عزيمته.
٣- لقد جاء وحي الله تبارك وتعالى يهتف بالمؤمنين ليطيعوا الله ورسوله ولا يتولوا عنه وهم يسمعون آياته وكلماته، وجاء التحذير من التولي والإعراض مقترنًا بذكر شر الدواب التي فقدت السمع والنطق والعقل، وتلك صورة ينفر الإنسان من أن ينحدر إليها؛ بحيث يصبح في إعراضه عن الهدى، وتحجر عقله، وطمس قلبه، مثل هذه الدواب التي لا تعي ولا تسمع، ولذلك فقد كان اقتران الدعوة للطاعة، والتحذير من التولي، بهذا المثل الحي، في ذروة العظة والتذكير والتأثير، وفي ذلك يقول سبحانه: