للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ، وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، فكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر} ١.

٢- وواصلت الآيات الكبرى -بعد ذكر قصة قوم نوح- إنذار المشركين بتصوير موقف قوم عاد وثمود وبيان ما حلَّ من التنكيل والدمار والعذاب الماحق بهم، وفيه مع ما آل إليه مصير قوم نوح من الإغراق بالطوفان أبلغ العبرة لمن تدبر واعتبر.. فقد كذب قوم عاد نبيهم هودًا مثل ما كذب قوم نوح نبيهم، فعاقبهم الله على كفرهم وتماديهم في الغي والضلال، وقصَّ الله بعد ذلك نبأ ثمود الذين خلفوا قوم عاد في القوة والتمكين، ولكنهم لم يتعظوا بما أصاب مَنْ قبلهم حين جحدوا عقيدة التوحيد، فكذبوا بنذر الله، وأنكروا دعوة نبيهم صالح عليه السلام، وسخروا منه، وغلبت عليهم الكبرياء، فزعموا أنهم لو اتبعوه لكانوا في ضلال وجنون، واتهموا نبيهم بالكذب والطمع وحب السيطرة، وطمس الله على بصائرهم، فأغرقوا في الكفر والكبر وقبح الاتهام، وأرسل الله الناقة؛ آية لنبيه صالح عليه السلام، وحجة له على قومه، وامتحانًا لهم وابتلاء، وأمره أن يخبرهم أن الماء الذي يَرِدُونَه مقسوم بينهم وبين الناقة، فلها يوم ولهم يوم، فتحضر الناقة تارة ويحضرون هم أخرى، فتنال شِرْبَهَا وينالون شِرْبَهُم، فعتوا عن أمر ربهم، وعقروا الناقة ... فعاقبهم الله بأن أرسل عليهم الصيحة


١ القمر: "٩-١٨".

<<  <   >  >>