للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصورة الأولى:

هي أنهم قد تجرعوا مرارة الذل والهوان أحقابًا طوالًا، وعانوا من بطش فرعون الذي كان يقتل أطفالهم ويستحيي نساءهم.. وقد بدأ الفرعون "رعمسيس الثاني" اضطهادهم، وامتحنوا امتحانًا شديدًا.. وقد بلغ من اضطادهم أن أمر فرعون جنوده أن يُلْقُوا في النهر بكل ذكر من أبناء بني إسرائيل ليموت غرقًا، وأجبرهم على العمل الشاق في تعبيد الطرق وبناء المعابد.. ولقد أزمع فرعون أن يقضي عليهم ويبيدهم.. ولكن يشاء الله تبارك وتعالى -الذي أنعم عليهم بوافر النعم، وفضلهم على أبناء زمانهم بسبب إيمانهم- أن يكرمهم بما يكون سببًا لنجاتهم، وتأييد الله لهم، وإهلاكه لعدوهم، وفي ذلك يقول عز وجل:

{يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} ١.

لقد بعث الله فيهم موسى -عليه السلام- مؤيدًا بالآيات الخارقة من ربه، التي أراه الله إياها ليطمئن قلبه، وذلك حين أمره أن يلقي عصاه فإذا هي حية تسعى، وأن يدخل يده في جيبه فخرجت بيضاء من غير سوء.. ثم عادت عصاه سيرتها الأولى، ورجعت يده كعهده بها، وقد أمر الله بعد ذلك أن يذهب إلى فرعون الذي طغى وبغى٢.


١ البقرة: "٤٧".
٢ يروى أنه "منفتاح" الذي كان وليًا للعهد حين كان موسى في بيت فرعون.. وليس في القرآن الكريم ذكر لاسمه أو اسم من سبقه، ولكن فيما حكاه القرآن ما يدل على أن فرعون يعرفه ويعرف نشأته في بيت فرعون وذلك حيث يقول تعالى -حكاية عن فرعون في خطابه لموسى-: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ، وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} "الشعراء:١٨-١٩". وقد رد موسى على ذلك: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّين، فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} . الشعراء: "٢٠-٢١"
انظر "قصة بني إسرائيل" تأليف: عبد الرحيم فودة ص٣٨-٣٩.

<<  <   >  >>