للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} ١.

وتحول الأمر بعد ذلك إلى التحدي، وأحضر فرعون المهرة من السحرة، وجمعهم من المدائن؛ كي يظهر عجز موسى أمامهم.. وكان للسحر منزلة عظيمة بمصر في ذلك العصر ... وفي ذلك اليوم الذي جمع له الناس، وبعد أن ألقى السحرة ما بأيديهم من العصي والحبال، وسحروا أعين الناس، ألقى موسى عصاه -تنفيذًا لأمر الله- فإذا هي حية تسعى، وإذا هي تلقف ما يأفكون، وألقي السحرة ساجدين، وكانوا أول من آمن برب موسى وهارون، بين تهديد فرعون ووعيده لهم بقتلهم، وصلبهم في جذوع النخل.. وقال هؤلاء المؤمنون من السحرة لفرعون:

{لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى، إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} ٢.

بعد أن فوجيء فرعون بما لم يكن يتوقع من إيمان السحرة، وفضيحة الهزيمة أمام موسى، اشتدت به غُلُوَاء العناد والكبرياء وأزمع قتل موسى، والخلاص من بني إسرائيل.. ولكن موسى -عليه السلام- قال لهم -كما حكى الله عنه:

{اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرض لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} ٣.


١ الشعراء: "٢٩".
٢ طه: "٧٢-٧٤".
٣ الأعراف: "١٢٨".

<<  <   >  >>