للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبغضاء، ويسلبها مقومات شخصيتها التي تميزت بها على سائر الأمم، وفي ذلك يقول عز وجل:

{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ١.

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "كان بيني وبين رجل كلام وكانت أمه أعجمية فَنِلْتُ منها، فذكرني إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: "أَسَابَبْتَ فلانًا؟ " قلت: نعم. قال: "أَفَنِلْتَ من أُمِّهِ؟ " قلت: نعم. قال: "إنك امْرُؤٌ فيك جاهلية" ٢.

ورُويَ أن أبا ذرٍ تابَ توبةً نصوحًا حتى إنه طلب من هذا الذي قال له: يا ابن السوداء -كما في بعض الرويات- أن يطأ بقدمه على وجهه.

وروى الحافظ ابن عساكر بسنده إلى مالك عن الزُّهْري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جاء قَيْسُ بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي، فقال: هذا الأوس والخزرج قد قاموا بِنُصْرَةِ هذا الرجل فما بال هذا٣ فقام إليه معاذ بن جبل -رضي الله عنه- فأخذ بتلابيبه ثم أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بمقالته، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- مُغْضَبًا يَجُرُّ رداءَهُ حتى أتى المسجد ثم نودي: إن الصلاة


١ آل عمران: "١٠٣".
٢ رواه الشيخان واللفظ للبخاري في كتاب الأدب.
٣ يقصد بمقالته هذه: إن الذي يحمل الأوس والخرزج على نصرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم من قومه العرب -كما يزعم- فما الذي يدعو الفارسي والرومي والحبشي إلى نصرته وهم ليسوا من قومه؟! وهذا من آثار النزعة الجاهلية كما لا يخفى.

<<  <   >  >>