إن جواب أي استفتاء عن مشكلة جزئية من مشكلات المجتمعات التي لا تدين بالإسلام، ولا تعترف بشريعته أن يقال: حكِّموا الإسلام أولاً في الحياة كلها، ثم اطلبوا بعد ذلك رأيه في مشكلات الحياة التي ينشئها هو، لا التي أنشأها نظام آخر مناقض للإسلام..
إن الإسلام يربِّي الناس تربية خاصة، ويحكمهم وفق شريعة خاصة، وينظم شئونهم على أسس خاصة، ويخلق مقومات اجتماعية واقتصادية وشعورية خاصة؛ فأولاً طبقوا الإسلام جملة، في نظام الحكم، وفي أسس التشريع، وفي قواعد التربية، ثم انظروا هل تبقى هذه المشكلات التي تسألون عنها، أم تزول من نفسها، أما قبل ذلك فما للإسلام وما لهذه القضايا التي لا يعرفها المجتمع الإسلامي الصحيح؟ "١.
ب- إن مناط الأمر في هذه القضية قائم على فهم المعنى الحقيقي الشامل لانتماء الإنسان للإسلام؛ فالانتماء للإسلام يقتضي من المسلم أن يذعن بأن الحاكمية لله عز وجل، وأن حكم الله تبارك وتعالى فوق كل رأي من آراء الأشخاص أو الجماعات، أو الأهواء أو المصالح، ولا يعد هذا الانتماء الإسلامي صحيحًا إذا أصابته التجزئة بسائق المنافع والمصالح والرغبات؛ فالمسلم مطالب بأن يقيد حريته الخاصة، ورغبته الذاتية بقيود الشريعة، حتى يصح أن يوصف بأنه قد سلك صراط الله المستقيم، وصدق في الانتماء لهذا الدين. ولا بد مع الإذعان لحكم الله والتسليم له، وصدق الاتباع لأمره من اليقين الكامل بأحقية هذا النظام الإسلامي، وأنه وحدة النظام الذي يحقق السعادة الكاملة للإنسان في الدنيا والآخرة.
قال تعالى:
١ سيد قطب: "دراسات إسلامية" ص٨٨. وانظر فصل "خذوا الإسلام بتمامه" ص٨٦.