للمسلمين عن التشبه بالكافرين في كل ما يصدر عنهم من قول أو عمل؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم، وكيف يتشبه المسملون بهؤلاء الأعداء؟ من الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، وهم يطوون صدورهم على أشد العداوة والبغضاء، ولا يضمرون للمؤمنين إلا الحقد والضغينة، ويكرهون -حسدًا واستكبارًا وتعصبًا- أن يختارهم الله لحمل رسالة الحق والخير والسداد، وأن يعدهم لقيادة البشرية، وتحريرها من أغلال الظلم والطغيان..
ب- وقد أفاض شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في حقيقة التميز ومعناه مبينًا ضرورة المسلم وحاجته إلى هداية الصراط المستقيم، وهو سبيل التميز؛ محذرًا في ذلك من الانحراف إلى طريق المغضوب عليهم أو الضالين، وأوضح أثر التميز في نفس المسلم وسلوكه وأحواله كلها؛ مشيرًا إلى ما تورثه المشاركة من تناسب وتشاكل بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال.
قال: "ثم إن الصراط المستقيم: هي أمور باطنةٌ في القلب: من اعتقادات وإرادات، وأمور ظاهرة ومن أقوال وأفعال قد تكون عبادات. وقد تكون أيضًا عادات في الطعام واللباس والنكاح والمسكن والاجتماع والافتراق والسفر والإقامة والركوب، وغير ذلك.
وهذه الأمور الباطنة والظاهرة: بينهما -ولا بد- ارتباط ومناسبة؛ فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورًا ظاهرةًً، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعورًا وأحوالًا.
وقد بعث الله عبده ورسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بالحكمة التي هي سنته، وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له.
فكان من هذه الحكمة: أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، وأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر -وإن لم