ونلمس أثر العنصر في الدعوة الدائمة الملحة إلى الأخلاق الكريمة من أمانة ووفاء، وعدل ورحمة، وبر وإحسان، ووفاء بالوعد، وصيانة للعهد.. والتحذير الدائم من الصفات السيئة كالغدر والخداع، والظلم والاعتداء، والغش والالتواء، وغير ذلك مما تأباه الطباع الكريمة، والنفوس الطيبة. ولا يقف الأمر في هذه الدعوة عند حدود التوجيه والترغيب أو النقد والتحذير؛ بل يتجاوز ذلك إلى التنفيذ والالتزام في التشريع والأحكام؛ لتكون المسئولية الفردية والجماعية أساس الحماية والتطبيق لهذا الجانب الأخلاقي في حياة الأفراد والجماعات، وليكون الروح الحية الفعالة في أعماق ضمائر المؤمنين، والمحور الذي ينتظم سلوكهم في حياتهم الخاصة، وواقعهم الاجتماعي.
ولعل الدعوة إلى الاستقامة تحدد معنى هذه الأخلاقية العالية، وترشد إلى الطريق التي تحقق للمؤمنين إنسانيتهم المثلى، وتؤهلهم لحمل هذه الرسالة، وتجعل منهم الأمة الوسط التي اختارها الله؛ لتكون شهيدة على الناس، وهاديةً إلى سواء السبيل، تثبت ببنائها للمعروف، وهدمها للمنكر أنها أهل لتكريم الله لها، واستخلافها في الأرض، وجعلها خير أمة أخرجت للناس.