التَّبَعِيَّةُ، وَيُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ الْمَقْصُودِ، وَشَوَاهِدُهُ مَعْرُوفَةٌ. وَمِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ: الْغُصُوبِ، وَالْعَوَارِيُّ، الْوَدِيعَةُ، وَالصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ بِالْمَالِ، أَوْ مَا يُوجِبُ الْمَالَ، وَالْحَوَالَةُ، وَالْإِبْرَاءُ، وَالْمُطَالَبَةُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِسْقَاطُهَا، وَالْقَرْضُ، وَالصَّدَاقُ، وَعِوَضُ الْخُلْعِ، وَدَعْوَى رِقِّ مَجْهُولِ النَّسَبِ، وَتَسْمِيَةُ الْمَهْرِ.
٥٩ - (فَصْلٌ)
وَفِي الْجِنَايَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ كَالْخَطَأِ، وَمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ مِنْ جِنَايَاتِ الْعَمْدِ كَالْهَاشِمَةِ، وَالْمَأْمُومَةِ، وَالْجَائِفَةِ، وَقَتْلِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ، وَالْحُرِّ الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ، وَالْمَجْنُونَ، وَالْعِتْقِ، وَالْوَكَالَةِ فِي الْمَالِ، وَالْإِيصَاءِ إلَيْهِ، وَدَعْوَى قَتْلِ الْكَافِرِ لِاسْتِحْقَاقِ سَلَبِهِ، وَدَعْوَى الْأَسِيرِ إسْلَامًا سَابِقًا يَمْنَعُ رِقَّهُ، رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْحَالِفِ مُسْلِمًا، بَلْ تُقْبَلُ يَمِينُهُ مَعَ كُفْرِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو الْحَارِثِ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْفَاسِقِ، أَوْ الْعَبْدِ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا؟ قَالَ: أُحَلِّفُهُ وَأُعْطِيهِ دَعْوَاهُ، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَ عَدْلٍ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرَ عَدْلٍ، أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً، أَوْ يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا، إذَا ثَبَتَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ: حَلَفَ، وَأُعْطِيَ مَا ادَّعَى. وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى صِدْقِ شَاهِدِهِ، فَيَقُولُ مَعَ يَمِينِهِ: وَإِنَّ شَاهِدِي صَادِقٌ؟ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الْمُوجِبِ لِاشْتِرَاطِهِ، وَلِأَنَّ يَمِينَهُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ كَافِيَةٌ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى صِدْقِ شَاهِدِهِ، وَشَرَطَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ: لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَلِهَذَا قَوِيَتْ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَيَجِبُ أَنْ تَقْوَى بِحَلِفِهِ عَلَى صِدْقِ الشَّاهِدِ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَقْوَى فِي مَوْضِعٍ وَيَضْعُفُ فِي مَوْضِعٍ، فَيَقْوَى إذَا ارْتَابَ الْحَاكِمُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مُبْرِزًا، وَيَضْعُفُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.
٦٠ - (فَصْلٌ)
وَقَدْ حَكَى أَبُو مُحَمَّدِ ابْنُ حَزْمٍ الْقَوْلَ بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ عَنْ ابْنِ وَضَّاحٍ، وَقَاضِي الْجَمَاعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute