للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عِدَّةَ الْوَفَاةِ؟ وَإِذَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَكَيْفَ لَا تَرِثُ؟ .

قَالَ أَصْحَابُ الْقُرْعَةِ: يَجِبُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ، وَعَلَى الزَّوْجَةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَلَكِنْ لَمَّا أَشْكَلَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْجَبْنَا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْ تَعْتَدَّ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَدْنَى، احْتِيَاطًا لِلْعِدَّةِ.

[فَصَلِّ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا]

١٢٨ - (فَصْلٌ)

وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا، ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا: لَمْ يَتَعَيَّنْ الطَّلَاقُ فِي الْبَاقِيَةِ وَأَقْرَعَ بَيْنَ الْمَيِّتَةِ وَالْحَيَّةِ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ فِي الْبَاقِيَةِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا: وَلَهُ تَعْيِينُهُ فِي الْمَيْتَةِ.

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: هُوَ مُخَيَّرٌ فِي التَّعْيِينِ، وَلَمْ يَبْقَ مَنْ يَصِحُّ إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا إلَّا الْحَيَّةُ، وَمَنْ خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَفَاتَهُ أَحَدُهُمَا: تَعَيَّنَ الْآخَرُ.

وَقَالَ الْمُقْرِعُونَ: قَدْ أَقَمْنَا الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّعْيِينَ بِاخْتِيَارِهِ. وَإِنَّمَا نَمْلِكُ الْإِقْرَاعَ. وَلَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْمُطَلَّقَةَ، فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ التَّطْلِيقِ، لَا مِنْ حِينِ الْإِقْرَاعِ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ.

وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَبْتَدِئَ فِي الْمَيِّتَةِ الطَّلَاقَ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعَيِّنَهُ فِيهَا بِالْقُرْعَةِ، كَالْأَجْنَبِيَّةِ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الْقُرْعَةِ: نَحْنُ لَا نُعَيِّنُ الطَّلَاقَ فِيهَا ابْتِدَاءً، وَإِنَّمَا نُبَيِّنُ بِالْقُرْعَةِ أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: مَاتَتْ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ عِنْدَكُمْ عَلَى الْحَيَّةِ، فَتَكُونُ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ، دُونَ الْمَيِّتَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الطَّلَاقِ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، كَمَا لَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ الْمُبْتَدَأُ.

وَقَالَ الْمُقْرِعُونَ: إذَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

[فَصَلِّ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى امْرَأَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُهَا]

١٢٩ - (فَصْلٌ)

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى امْرَأَةٍ، ثُمًّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُهَا. قِيلَ: تَعُودُ إلَيْهِ مِنْ حِينِ وَقَعَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّ الْقُرْعَةَ إنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ الِاشْتِبَاهِ، وَقَدْ زَالَ بِالتَّذَكُّرِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الَّتِي وَقَعَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ قَدْ تَزَوَّجَتْ، أَوْ كَانَتْ الْقُرْعَةُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ إلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

قَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي الْمَيْمُونِيُّ: أَنَّهُ نَاظَرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي مَسْأَلَةِ الَّذِي لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَطَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، ثُمَّ لَمْ يَدْرِ، قَالَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَعْبُدِ، قُلْت: فَإِنْ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ، فَوَقَعَتْ الْقُرْعَةُ

<<  <   >  >>