وَحَمَلَ لَهَا صَدَاقَهَا.
[فَصَلِّ وَمنْ طُرُق الْحُكْمِ الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ]
١٢١ - (فَصْلٌ)
وَمِنْ طُرُقِ الْأَحْكَامِ: الْحُكْمُ بِالْقُرْعَةِ، قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: ٤٤] قَالَ قَتَادَةُ: " كَانَتْ مَرْيَمُ ابْنَةَ إمَامِهِمْ وَسَيِّدِهِمْ فَتَشَاحَّ عَلَيْهَا بَنُو إسْرَائِيلَ، فَاقْتَرَعُوا عَلَيْهَا بِسِهَامِهِمْ، أَيُّهُمْ يَكْفُلُهَا، فَقَرَعَ زَكَرِيَّا، وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِهَا، فَضَمَّهَا إلَيْهِ ".
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَمَّا وُضِعَتْ مَرْيَمُ فِي الْمَسْجِدِ اقْتَرَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْمُصَلَّى، وَهُمْ يَكْتُبُونَ الْوَحْيَ، فَاقْتَرَعُوا بِأَقْلَامِهِمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُهَا " وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ١٣٩] {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: ١٤٠] {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٤١] يَقُولُ تَعَالَى: فَقَارَعَ، فَكَانَ مِنْ الْمَغْلُوبِينَ.
فَهَذَانِ نَبِيَّانِ كَرِيمَانِ اسْتَعْمَلَا الْقُرْعَةَ وَقَدْ احْتَجَّ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا إنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute