١٢ - (فَصْلٌ) وَمِنْ ذَلِكَ: قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهِ - وَقَدْ أُقِيمَ عَلَى دُكَّانٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ - فَقَامَ عَلَى الدُّكَّانِ، وَقَالَ: إنَّ الْأَمِيرَ أَمَرَنِي أَنْ أَلْعَنَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَالْعَنُوهُ. لَعَنَهُ اللَّهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ: تَعْرِيضُ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ، بَلْ تَصْرِيحُهُ لِامْرَأَتِهِ، بِهَزِيمَةِ الصَّحَابَةِ وَقَتْلِهِمْ، حَتَّى أَخَذَ مَالَهُ مِنْهَا.
[فَصَلِّ فِي الْفِرَاسَة الصَّادِقَة]
١٣ - (فَصْلٌ) وَمِنْ الْفِرَاسَةِ الصَّادِقَةِ: فِرَاسَةُ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، حِينَ قَدِمَ وَشَهِدَ عَلَى عَقْدِ التَّبَايُعِ بَيْنَ الْأَعْرَابِيِّ وَرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، تَصْدِيقًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ مَا يُخْبِرُ بِهِ.
وَمِنْهَا: فِرَاسَةُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَقَدْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنًا إلَى الْمُشْرِكِينَ فَجَلَسَ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لِيَنْظُرْ كُلٌّ مِنْكُمْ جَلِيسَهُ، فَبَادَرَ حُذَيْفَةُ وَقَالَ لِجَلِيسِهِ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ.
وَمِنْهَا: فِرَاسَةُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ. فَكَرِهَهُ أَهْلُهَا فَعَزَلَهُ عُمَرُ عَنْهُمْ، فَخَافُوا أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ دِهْقَانُهُمْ: إنْ فَعَلْتُمْ مَا آمُرُكُمْ بِهِ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا. قَالُوا مُرْنَا بِأَمْرِك. قَالَ: تَجْمَعُونَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، حَتَّى أَذْهَبَ بِهَا إلَى عُمَرَ، وَأَقُولَ: إنَّ الْمُغِيرَةَ اخْتَانَ هَذَا وَدَفَعَهُ إلَيَّ، فَجَمَعُوا ذَلِكَ. فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ) إنَّ الْمُغِيرَةَ اخْتَانَ هَذَا، فَدَفَعَهُ إلَيَّ. فَدَعَا عُمَرُ الْمُغِيرَةَ، فَقَالَ: مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: كَذَبَ، أَصْلَحَك اللَّهُ، إنَّمَا كَانَتْ مِائَتَيْ أَلْفٍ، فَقَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: الْعِيَالُ وَالْحَاجَةُ. فَقَالَ عُمَرُ لِلدِّهْقَانِ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ، لَأَصْدُقَنَّكَ، وَاَللَّهِ مَا دَفَعَ إلَيَّ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا. وَلَكِنْ كَرِهْنَاهُ وَخَشِينَا أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيْنَا، فَقَالَ عُمَرُ لِلْمُغِيرَةِ: مَا حَمَلَك عَلَى هَذَا؟ قَالَ: إنَّ الْخَبِيثَ كَذَبَ عَلَيَّ فَأَرَدْت أَنْ أُخْزِيَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute