للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا قَدْ يَقْوَى بِحَيْثُ يُفِيدُ الْقَطْعَ، وَقَدْ يَضْعُفُ، وَقَدْ يَتَوَسَّطُ. وَمِنْهَا: وُجُوبُ دَفْعِ اللُّقَطَةِ إلَى وَاصِفِهَا.

قَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ - إذَا جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ الْوِكَاءَ وَالْعِفَاصَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ، وَلَا نَذْهَبُ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

وَقَالَ ابْنُ مُشَيْشٍ: إنْ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى اللُّقَطَةَ وَأَعْطَاهُ عَلَامَتَهَا: تُدْفَعُ إلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ: وَإِذَا جَاءَ بِعَلَامَةِ عِفَاصِهَا وَوِكَائِهَا وَعَدَدِهَا فَلَيْسَ فِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ.

وَنَصَّ أَيْضًا عَلَى الْمُتَكَارِيَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي دَفِينٍ فِي الدَّارِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيه فَمَنْ أَصَابَ الْوَصْفَ كَانَ لَهُ، وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُلْتَقِطِ صِدْقُهُ جَازَ الدَّفْعُ، وَلَمْ يَجِبْ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ مُدَّعٍ، وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.

وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: «فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَأَعْطِهَا إيَّاهُ» .

وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا فَأَعْطِهَا إيَّاهُ» (١٩) " وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَالْوَصْفُ بَيِّنَةٌ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّهَا مِنْ الْبَيَانِ، وَهُوَ الْكَشْفُ وَالْإِيضَاحُ، وَالْمُرَادُ بِهَا: وُضُوحُ حُجَّةِ الدَّعْوَى وَانْكِشَافُهَا، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْوَصْفِ.

[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ]

٩٣ - (فَصْلٌ)

الطَّرِيقُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ الْحُكْمُ بِالْقُرْعَةِ: وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا مُسْتَوْفًى، وَالْحُجَّةُ فِي إثْبَاتِهَا، وَأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا مَنْ أَبْطَلَهَا، كَمَعَاقِدِ الْقِمْطِ وَالْخَصِّ، وَوُجُوهِ الْآجُرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَقْوَى مِنْ الْحُكْمِ بِكَوْنِ الزَّوْجَةِ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَإِنْ عَلِمَ قَطْعًا عَدَمَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَأَقْوَى مِنْ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ الْمُجَرَّدِ.

[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ]

٩٤ - (فَصْلٌ)

الطَّرِيقُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الْحُكْمُ بِالْقَافَةِ:

وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمَلُ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَالصَّحَابَةِ مِنْ بَعْدِهِمْ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

<<  <   >  >>