للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَمَا عَاقَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، حَتَّى أَحْضَرَ كَنْزَ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَالثَّانِيَةُ: إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ إلَيْهِ.

وَالثَّالِثَةُ: إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَالرَّابِعَةُ: فِي مَسْأَلَةِ تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَالصَّانِعَيْنِ، فَيُحْكَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَصْلُحُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَالْخَامِسَةُ: تَحْلِيفُهُ مَعَ شَاهِدَيْهِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ فِي " كِتَابِ الْقَضَاءِ " لَهُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ الشَّعْبِيِّ.

قَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ يَسْتَحْلِفُ الرَّجُلَ مَعَ بَيِّنَتِهِ. حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ اسْتَحْلَفَ رَجُلًا مَعَ بَيِّنَتِهِ، فَكَأَنَّهُ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَقْضِيَ لَكَ بِمَا لَا تَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَالشَّعْبِيِّ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إنَّمَا تَرَى شُرَيْحًا أَوْجَبَ الْيَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ مَعَ بَيِّنَتِهِ، حِينَ رَأَى النَّاسَ مَدْخُولِينَ فِي مُعَامَلَتِهِمْ، وَاحْتَاطَ لِذَلِكَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: قِيلَ لِشُرَيْحٍ: مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي الْقَضَاءِ؟ قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ أَحْدَثُوا فَأَحْدَثْت.

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حُيَيٍّ: يُسْتَحْلَفُ الرَّجُلُ مَعَ بَيِّنَتِهِ.

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَرَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ حُبَيْشٍ " أَنَّ عَلِيًّا اسْتَحْلَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ مَعَ بَيِّنَتِهِ " وَأَنَّهُ اسْتَحْلَفَ رَجُلًا مَعَ بَيِّنَتِهِ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، فَقَالَ: " لَا أَقْضِي لَكَ بِمَا لَا تَحْلِفُ عَلَيْهِ ".

وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ احْتِمَالِ التُّهْمَةِ. وَيُخَرَّجُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَجْهَانِ: فَإِنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: قَدْ فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -، وَفِيمَا إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: قَالَ فِيهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ كَذَا: وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ حَامِدٍ. قَالَ الْخَلَّالُ فِي " الْجَامِعِ ": حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُهَنَّا، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يُقِيمُ الشُّهُودَ، أَيَسْتَقِيمُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ الشُّهُودِ: احْلِفْ؟ فَقَالَ: قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيٌّ، قُلْتُ: مَنْ ذَكَرَهُ؟ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ حُبَيْشٍ.

قَالَ: اسْتَحْلَفَ عَلِيٌّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ مَعَ الشُّهُودِ، فَقُلْتُ: يَسْتَقِيمُ هَذَا؟ قَالَ: قَدْ فَعَلَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَهَذَا الْقَوْلُ يَقْوَى مَعَ وُجُودِ التُّهْمَةِ، وَأَمَّا بِدُونِ التُّهْمَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُدَّعِي: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ إلَّا ذَلِكَ» .

[فَصَلِّ فِي تَحْلِيف الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

٦٢ - (فَصْلٌ)

<<  <   >  >>