للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْت: هَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ، إحْدَاهَا: أَنْ يُوصِيَ لَهُ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ.

الثَّالِثَةُ: أَنْ يَصْدُقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ.

فَفِي الْوَصِيَّةِ: يُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهِمْ، وَجَعَلَ الِاخْتِيَارَ لَهُمْ فِي التَّعْيِينِ. وَفِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ: يَخْرُجُ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ.

وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَهْرِ: رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: يُعْطِي الْوَسَطَ.

وَالثَّانِيَةُ: يُعْطِي وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ. وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، فِي رَجُلٍ أَوْصَى، فَقَالَ: أَعْتِقُوا أَحَدَ عَبْدَيْ هَذَيْنِ: يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا، وَلَكِنْ إنْ تَشَاحَّا فِي الْعِتْقِ، يُقْرِعْ بَيْنَهُمَا.

[فَصْلٌ فِي عَبْد فِي يَد رَجُل اخْتَلَفَ عَلَيْهِ غَيْره بِالْبَيْعِ وَالْهِبَة وَغَيْر ذَلِكَ]

١٤٠ - (فَصْلٌ)

قَالَ أَبُو النَّضْرِ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدٍ فِي يَدِ رَجُلٍ لَا يَدَّعِيهِ، أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ: أَنَّ فُلَانًا بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنِّي بِكَذَا وَكَذَا، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ فُلَانًا تَصَدَّقَ بِهَذَا الْعَبْدِ عَلَيَّ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَهَبَ هَذَا الْعَبْدَ لِي، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَلَمْ يُوَقِّتُوا وَقْتًا، وَالْبَيِّنَةُ عُدُولٌ كُلُّهُمْ؟ قَالَ: أَرَى الْبَيِّنَةَ هَاهُنَا تَكَاذَبَتْ. يُكَذِّبُ شُهُودُ رَجُلٍ شُهُودَ الْآخَرِ، فَاجْعَلْهُ فِي أَيْدِيهمْ، ثُمَّ أَقْرِعْ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَبْدُ أَخَذَهُ وَحَلَفَ، قُلْت: تُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَنِي هَذَا الْعَبْدَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِي؟ قَالَ: هُوَ وَاحِدٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قُلْت: إلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبْت فِي هَذَا؟ قَالَ: إلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلَانِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ اسْتَحَبَّاهَا فَلْيَسْتَهِمَا عَلَيْهَا» . قُلْت: هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْخِرَقِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، وَاعْتَرَفَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَأَنَّهَا لِأَحَدِهِمَا، لَا يَعْرِفُهُ عَيْنًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ.

قَالَ فِي " الْمُغْنِي " إذَا أَنْكَرَهُمَا مَنْ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا عَيْنًا، أَوْ قَالَ: هِيَ لِأَحَدِكُمَا لَا أَعْرِفُهُ عَيْنًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ أَنَّهَا لَهُ، وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا عَيْنًا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فَأَمَرَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ، أَحَبَّا أَمْ كَرِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي الدَّعْوَى لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا يَدَ، وَالْقُرْعَةُ تَمْيِيزٌ عِنْدَ التَّسَاوِي، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ: فَعَنْهُ

<<  <   >  >>