فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ إنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا - أَوْ سَبَقَ - يَكُونُ الشَّبَهُ مِنْهُ» .
وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ تَغْتَسِلُ الْمَرْأَةُ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ، وَأَبْصَرَتْ الْمَاءَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: تَرِبَتْ يَدَاكِ وَأُلَّتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعِيهَا، وَهَلْ يَكُونُ الشَّبَهُ إلَّا مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ؟» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: «كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدٌ - الْحَدِيثَ بِطُولِهِ - إلَى أَنْ قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ الْوَلَدِ؟ فَقَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ: أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ» . وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: فِي صِحَّةِ هَذَا اللَّفْظِ نَظَرٌ. قُلْتُ: لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ الْمَحْفُوظَ فِي ذَلِكَ، إنَّمَا هُوَ تَأْثِيرُ سَبْقِ الْمَاءِ فِي الشَّبَهِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ (١٨٢) مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، فَأَتَاهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتْ الْوَلَدَ» .
فَهَذَا السُّؤَالُ الَّذِي سَأَلَ عَنْهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، وَالْجَوَابُ الَّذِي أَجَابَهُ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ نَظِيرُ السُّؤَالِ الَّذِي سَأَلَ عَنْهُ الْحَبْرُ، وَالْجَوَابُ وَاحِدٌ، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً، وَالْحَبْرُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، فَإِنَّهُ سَأَلَهُ وَهُوَ عَلَى دِينِ الْيَهُودِ، فَأُنْسِيَ اسْمُهُ، وَثَوْبَانُ قَالَ: " جَاءَ حَبْرٌ مِنْ الْيَهُودِ " وَإِنْ كَانَتَا قِصَّتَيْنِ وَالسُّؤَالُ وَاحِدٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ ".
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا سَأَلُوا عَنْ الشَّبَهِ، وَلِهَذَا وَقَعَ الْجَوَابُ بِهِ وَقَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ، وَزَالَتْ بِهِ الشُّبْهَةُ. وَأَمَّا الْإِذْكَارُ وَالْإِينَاثُ: فَلَيْسَ بِسَبَبٍ طَبِيعِيٍّ، وَإِنَّمَا سَبَبُهُ: الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ الَّذِي يَأْمُرُ الْمَلَكُ بِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute