فَكَيْفَ لَوْ رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صُنِّفَ بَعْدَهُ مِنْ الْكُتُبِ الَّتِي يُعَارِضُ بَعْضُهَا مَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؟ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَقَدْ " أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ كَتَبَ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ أَنْ يَمْحُوَهُ " ثُمَّ " أَذِنَ فِي كِتَابَةِ سُنَّتِهِ " وَلَمْ يَأْذَنْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.
وَكُلُّ هَذِهِ الْكُتُبِ الْمُتَضَمَّنَةِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ: غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا، بَلْ مَأْذُونٌ فِي مَحْقِهَا وَإِتْلَافِهَا، وَمَا عَلَى الْأُمَّةِ أَضَرُّ مِنْهَا، وَقَدْ حَرَقَ الصَّحَابَةُ جَمِيعَ الْمَصَاحِفِ الْمُخَالِفَةِ لِمُصْحَفِ عُثْمَانَ، لَمَّا خَافُوا عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا هَذِهِ الْكُتُبَ الَّتِي أَوْقَعَتْ الْخِلَافَ وَالتَّفَرُّقَ بَيْنَ الْأُمَّةِ:
وَقَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَهْلَكَهُمْ وَضْعُ الْكُتُبِ، تَرَكُوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقْبَلُوا عَلَى الْكَلَامِ.
وَقَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ وَاصِلٍ الْمُقْرِي قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - وَسُئِلَ عَنْ الرَّأْيِ؟ - فَرَفَعَ صَوْتَهُ، قَالَ: لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الرَّأْيِ، عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْآثَارِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَكْتُبُ الرَّأْيَ؟ فَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِالرَّأْيِ؟ عَلَيْك بِالسُّنَنِ فَتَعَلَّمْهَا وَعَلَيْك بِالْأَحَادِيثِ الْمَعْرُوفَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: هَذِهِ الْكُتُبُ بِدْعَةٌ وَضْعُهَا.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَا يُعْجِبُنِي شَيْءٌ مِنْ وَضْعِ الْكُتُبِ، مَنْ وَضَعَ شَيْئًا مِنْ الْكُتُبِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيِّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَوْنٍ: يَا حَمَّادُ، هَذِهِ الْكُتُبُ تُضِلُّ.
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: ذَاكَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ خَطَأَ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ: وَأَيُّ النَّاسِ لَا يُخْطِئُ؟ وَلَا سِيَّمَا مَنْ وَضَعَ الْكُتُبَ، فَهُوَ أَكْثَرُ خَطَأً.
وَقَالَ إِسْحَاقُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - وَسَأَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَرْدَبِيلَ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحِيمِ، وَضَعَ كِتَابًا - فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَا؟ أَوْ أَحَدٌ مِنْ