للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطْءِ جَوَارِيهِ لِلضَّرَرِ؟ فَهَذَا مِنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ فِي الْجُذَامَى: وَأَمَّا الْوَاحِدُ وَالنَّفَرُ الْيَسِيرُ: فَلَا يُخْرَجُونَ مِنْ الْحَاضِرَةِ، وَلَا مِنْ قَرْيَةٍ، وَلَا مِنْ سُوقٍ، وَلَا مِنْ مَسْجِدٍ جَامِعٍ، لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَكَذَلِكَ مُعَيْقِيبٌ الدَّوْسِيُّ قَدْ جَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَانَ عُمَرُ يُجَالِسُهُ وَيُؤَاكِلُهُ، وَيَقُولُ لَهُ: " كُلْ مِمَّا يَلِيك " فَإِذَا كَثُرُوا: رَأَيْتُ أَنْ يَتَّخِذُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَوْضِعًا، كَمَا صَنَعَ بِمَرْضَى مَكَّةَ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الْأَسْوَاقِ لِتِجَارَتِهِمْ، وَشِرَاءِ حَوَائِجِهِمْ، أَوْ الطَّوَافِ لِلسُّؤَالِ، إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامٌ يَرْزُقُهُمْ مِنْ الْفَيْءِ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ.

وَرَوَى سَحْنُونٌ: أَنَّهُمْ لَا يُجَمِّعُونَ مَعَ النَّاسِ الْجُمُعَةَ.

وَأَمَّا مَرْضَى الْقُرَى: فَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَإِنْ كَثُرُوا، وَلَكِنْ يُمْنَعُونَ مِنْ أَذَى النَّاسِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَيْسَ عَلَى مَرْضَى الْحَوَاضِرِ الْخُرُوجُ مِنْهَا إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى، وَلَكِنْ إنْ كَفَاهُمْ الْإِمَامُ الْمُؤْنَةَ مُنِعُوا مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ بِلُزُومِ بُيُوتِهِمْ وَالتَّنَحِّي عَنْهُمْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِتَنَحِّيهِمْ نَاحِيَةً إذَا كَثُرُوا، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ.

قُلْت: يَشْهَدُ لِهَذَا: الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا عَدْوَى؛ وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ، أَوْ قَالَ: مِنْ الْأَسْوَدِ» .

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

<<  <   >  >>