وَشَاوَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَسَارَى يَوْمِ بَدْرٍ، فَأَشَارَ بِقَتْلِهِمْ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِمُوَافَقَتِهِ.
وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى فِرَاسَةِ الْمُتَوَسِّمِينَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ هُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِالْآيَاتِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " أَفَرَسُ النَّاسِ " ثَلَاثَةٌ: امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ فِي مُوسَى، حَيْثُ قَالَتْ: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [القصص: ٩] وَصَاحِبُ يُوسُفَ، حَيْثُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف: ٢١] . وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، حَيْثُ جَعَلَهُ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ ".
وَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عُثْمَانَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: " يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدُكُمْ وَالزِّنَا فِي عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: أَوَحْيٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: لَا؛ وَلَكِنْ فِرَاسَةٌ صَادِقَةٌ " وَمِنْ هَذِهِ الْفِرَاسَةِ: أَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا تَفَرَّسَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ وَلَا بُدَّ أَمْسَكَ عَنْ الْقِتَالِ، وَالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، لِئَلَّا يَجْرِيَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قِتَالٌ، وَآخِرُ الْأَمْرِ يُقْتَلُ هُوَ، فَأَحَبَّ أَنْ يُقْتَلَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنْ ذَلِكَ: فِرَاسَةُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْحُسَيْنِ لَمَّا وَدَّعَهُ، وَقَالَ: " أَسْتَوْدِعُك اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ "، وَمَعَهُ كُتُبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَكَانَتْ فِرَاسَةُ ابْنِ عُمَرَ أَصْدَقُ مِنْ كُتُبِهِمْ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ دَفَعَا إلَى امْرَأَةٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَدِيعَةً، وَقَالَا: لَا تَدْفَعِيهَا إلَى وَاحِدٍ مِنَّا دُونَ صَاحِبِهِ. فَلَبِثَا حَوْلًا، فَجَاءَ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: إنَّ صَاحِبِي قَدْ مَاتَ فَادْفَعِي إلَيَّ الدَّنَانِيرَ. فَأَبَتْ، وَقَالَتْ: إنَّكُمَا قُلْتُمَا لِي لَا تَدْفَعِيهَا إلَى وَاحِدٍ مِنَّا دُونَ صَاحِبِهِ، فَلَسْت بِدَافِعَتِهَا إلَيْك؛ فَثَقُلَ عَلَيْهَا بِأَهْلِهَا وَجِيرَانِهَا حَتَّى دَفَعَتْهَا إلَيْهِ، ثُمَّ لَبِثَتْ حَوْلًا آخَرَ؛ فَجَاءَ الْآخَرُ. فَقَالَ: ادْفَعِي إلَيَّ الدَّنَانِيرَ. فَقَالَتْ: إنَّ صَاحِبَك جَاءَنِي فَزَعَمَ أَنَّك قَدْ مِتّ، فَدَفَعْتُهَا إلَيْهِ. فَاخْتَصَمَا إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَرَادَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute