فَتَوَصَّلَ بِقَدِّ الْقَمِيصِ إلَى مَعْرِفَةِ الصَّادِقِ مِنْهُمَا مِنْ الْكَاذِبِ.
وَهَذَا لَوْثٌ فِي أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ، يُبَيِّنُ بِهِ أَوْلَاهُمَا بِالْحَقِّ.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ اللَّوْثَ فِي دَعْوَى الْمَالِ فِي قِصَّةِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ، وَأَمَرَ بِالْحُكْمِ بِمُوجِبِهِ.
«وَحَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُوجِبِ اللَّوْثِ فِي الْقَسَامَةِ، وَجَوَّزَ لِلْمُدَّعِينَ أَنْ يَحْلِفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا، وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَ الْقَتِيلِ» ، فَهَذَا لَوَثٌ فِي الدِّمَاءِ، وَاَلَّذِي فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ لَوْثٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَاَلَّذِي فِي سُورَةِ يُوسُفَ لَوْثٌ فِي الدَّعْوَى فِي الْعِرْضِ وَنَحْوِهِ.
وَهَذَا حُكْمُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالصَّحَابَةِ مَعَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِرَجْمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ظَهَرَ بِهَا الْحَبَلُ، وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ.
وَذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ - فِي أَصَحِّ رِوَايَتَيْهِ - اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ.
وَحَكَمَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ - بِوُجُوبِ الْحَدِّ بِرَائِحَةِ الْخَمْرِ مِنْ فِي الرَّجُلِ، أَوْ قَيْئِهِ خَمْرًا، اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ.
وَلَمْ تَزَلْ الْأَئِمَّةُ وَالْخُلَفَاءُ يَحْكُمُونَ بِالْقَطْعِ إذَا وُجِدَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ مَعَ الْمُتَّهَمِ، وَهَذِهِ الْقَرِينَةُ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ، فَإِنَّهُمَا خَبَرَانِ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِمَا الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ، وَوُجُودُ الْمَالِ مَعَهُ نَصٌّ صَرِيحٌ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ شُبْهَةٌ، وَهَلْ يَشُكُّ أَحَدٌ رَأَى قَتِيلًا يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ، وَآخَرَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ بِالسِّكِّينِ: أَنَّهُ قَتَلَهُ؟ وَلَا سِيَّمَا إذَا عُرِفَ بِعَدَاوَتِهِ، وَلِهَذَا جَوَّزَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ قَتَلَهُ، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: يُقْتَلُ بِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْضَى عَلَيْهِ بِدِيَتِهِ وَكَذَلِكَ إذَا رَأَيْنَا رَجُلًا مَكْشُوفَ الرَّأْسِ - وَلَيْسَ ذَلِكَ عَادَتَهُ - وَآخَرَ هَارِبًا قُدَّامَهُ بِيَدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute