للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَيْنَهُ خُصَاصَ الْبَابِ، فَبَصُرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ عُودًا مُحَدَّدًا، فَوَجَأَ عَيْنَ الْأَعْرَابِيِّ فَانْقَمَعَ، فَقَالَ: لَوْ ثَبَتَ لَفَقَأْتُ عَيْنَك» .

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنٍ، فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ: مَا كَانَ عَلَيْك مِنْ جُنَاحٍ» .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ "، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» .

وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ "، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ» .

فَالْحَقُّ: هُوَ الْأَخْذُ بِمُوجَبِ هَذِهِ السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ، وَالنَّاظِرُ إلَى الْقَاتِلِ يَقْتُلُ الْمُسْلِمَ، وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخَلِّصَهُ وَيَنْهَاهُ: أَعْظَمُ إثْمًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَحَقُّ بِفَقْءِ الْعَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رَجُلٍ قَطَعَ فَرْجَ امْرَأَتِهِ: أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ دِيَةُ الْفَرْجِ، وَيُجْبَرُ عَلَى إمْسَاكِهَا، حَتَّى تَمُوتَ، وَإِنْ طَلَّقَهَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا. فَلِلَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذَا الْقَضَاءَ، وَأَقْرَبَهُ مِنْ الصَّوَابِ. فَأَمَّا الْفَرْجُ: فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إنْفَاقُهُ عَلَيْهَا إنْ طَلَّقَهَا، فَلِأَنَّهُ أَفْسَدَهَا عَلَى الْأَزْوَاجِ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِنَفَقَتِهَا وَمَصَالِحِهَا فَسَادًا لَا يَعُودُ، وَأَمَّا إجْبَارُهُ عَلَى إمْسَاكِهَا: فَمُعَاقَبَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، فَإِنَّهُ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْهَا بِأَمْرٍ مُحَرَّمٍ، وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا بِالطَّلَاقِ، أَوْ الْخُلْعِ، فَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إلَى هَذِهِ الْمُثْلَةِ الْقَبِيحَةِ، فَكَانَ جَزَاؤُهُ أَنْ يُلْزَمَ بِإِمْسَاكِهَا إلَى الْمَوْتِ. وَقَضَى فِي مَوْلُودٍ وُلِدَ لَهُ رَأْسَانِ وَصَدْرَانِ فِي حِقْوٍ وَاحِدٍ، فَقَالُوا لَهُ: أَيُوَرَّثُ مِيرَاثَ اثْنَيْنِ، أَمْ مِيرَاثَ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ: يُتْرَكُ حَتَّى يَنَامَ، ثُمَّ يُصَاحُ بِهِ، فَإِنْ انْتَبَهَا جَمِيعًا، كَانَ لَهُ مِيرَاثُ وَاحِدٍ، وَإِنْ انْتَبَهَ وَاحِدٌ وَبَقِيَ الْآخَرُ، كَانَ لَهُ مِيرَاثُ اثْنَيْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْف يَتَزَوَّجُ مَنْ وُلِدَ كَذَلِكَ؟ قُلْت: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ لَمْ أَرَ لَهَا ذِكْرًا فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو جَبَلَةَ: رَأَيْت بِفَارِسَ امْرَأَةً لَهَا رَأْسَانِ وَصَدْرَانِ فِي حِقْوٍ وَاحِدٍ مُتَزَوِّجَةً، تَغَارُ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ، وَهَذِهِ عَلَى هَذِهِ.

<<  <   >  >>